أنفاس بريس 24: البروفيسور حمزة شينبو / أستاذ جامعي
خبير دولي في مجال الاضطرابات العصبية النمائية
1- مخاوف تظهر وتختفي مع نمو الطفل:
“ماما…بابا…..خليو الضو شاعل، أنا كنخاف من الظلام” “أنا كنخاف من الوحش اللي مخبي في البيت” ” بابا أنقدني من نملة كبيرة كتعضني فالليل”.
وأما انتشار القصص والرسوم المتحركة المفرطة في الخيال، فقد أصبح سهلا لظى الأطفال منذ سن مبكرة فقد أصبحت البنية الذهنية والنفسية للطفل مشكلة في جزء منها من عالم الأشباح، وكوارث الظلام، والسلطة المطلقة للساحرات في تحويل الاشياه والسفر عبر المكتسة او غيرها، كما ان التفكير بمنطق الكوارث كالعواصف الرعدية والهجوم على الأرض أصبح حاضرا بقوة، حيث أصبحت الانتظارية وتوقع حدوث شيء ما مستدمجا في شخصية الأطفال…
في علم نفس النمو نتفق على أن كل طفل يمر بمسار نمائي يلعب فيه الخوف الموضوعي دورا هاما، إلا أن هذه المخاوف والمشاعر المرتبطة بها قد تصل درجات شدة قوية، فتصبح ممتدة في الزمن. لذلك علينا أن نستحضر دائما التفهم والتعاطف والاستيضاخ كي تكون هذه المخاوف ذات أثر نمائي ايجابي يبني من خلاله الطفل استراتيجيات التعايش والمواحهة. علينها تسايط الضوء عليها حتى تصبح مخاوف مؤقتة… وأن نسهم في أطفاء التهويل والمنطق الكارثي لديهم، ويتم ذلك من خلال تطوير التنظيم الذاتي لديهم مما سيمكنهم من عدم تضخيمها.
على المستوى الذهني من الناحية النمائية عادة ما يكون الخيال والواقع واحداً بالنسبة إلى معظم الأطفال، حيث يقيم الطفل تماثلا محايثا بينهما، ولاسيما ذوي الحس المرهف منهم والذين يتمتعون بحس ابداعي.
علينا كآباء وأمهات أن لا نستخف بهذه المخاوف الشائعة في المراحل النمائية المبكرة! فقد يحدث أن تشكل عائقا أمام الطفل وتمنعه من النمو السليم والسلس.
عندما نفحص مخاوف الطفل في سن مبكرة أجد في غالب الأحيان أنها ناتجة عن كتب محددة او رسوم متحركة شاهدها او تعاطى معها الطفل من قبل: “الوحش المختبئ في الغيوم” “الوحش العملاق” “التخول لساحرة” “بياض الثلج” “الأميرة النائمة” “بامبي”… هناك دائما رسائل لفظية معلن عليها في هذه الرسوم ورسائل غير لفظية مضمرة تتسرب لذهن الطفل وتشده بطريقة معطلة لمختلف الأبعاد النفسية والانفعالية والمعرفية والحركية مما يؤثر على الدماغ ونموه وتطور الوظائف المرتبطة به كاللغة والتفاعل الاجتماعي.
2- المخاوف المكتسبة:
“مبغيتش نغسل شعري كنخاف يدخل ليا الماء فعيني” “مبغيتش نمشي للطبيب، غادي يضرني فوذني” ” ماما كنحس بالخوف فاش كتغاوتي أنت وبابا” “كنخاف منتفكرش المحفوظات فاش نكون كنعرض على الأستاذة”…
بحكم كون اختصائي علم النفس والعلاج النفسي الموجه للأطفال والمراهقين، فإنني أرى ان المخاوف المكتسبة قد تتسبب في الكثير من المعاناة للطفل وللوالدين، هذه المخاوف تعود إلى موقف عاشه الطفل من قبل. ونحن نعلم أن المعالجة الانفعالية تسبق المعالجة المعرفية، مما يجعل الحدث يسجله الطفل بالانفعالات المصاحبة له، مما يجعل موارد الطفل للتنظيم الذاتي تتسم بالقصور في إدارة مختلف ردود الفعل.
إن المخاوف الناتجة عن صدمة أو حادث مخيف شهده الطفل أو وقع ضحيته تترك ذكريات رهيبة ودائمة: حادث ما، خلاف عائلي عنيف، فحص مؤلم من قبل الطبيب، عنف… لذلك فالطمأنة في حينه ضرورية ويجب عدم التردد في اللجوء إلى الأخصائي المتخصص في الأطفال pédopsychologue
3- مخاوف “نسخة طبق الأصل”: علينا أن ننتبه إلى ردود أفعالنا وتصرفاتنا
في علم النفس الاكلينيكي نشبه الأطفال بإسفنجة تمتص العواطف، مما يجعلهم يقومون بنسخ وتقليد مواقف وتصرفات المحيطين بهم، فعندما ترين كام “فأر” “عنكبوت” فتصابين بالذعر والخوف الشديد، وقيامك بردود فعل كالصراخ…فإن هذا قد يخلق خوفاً مماثلاً لدى طفلك. او عندما تتعالى الأصوات بينكم في البيت، وكذا العنف اللفظي والجسدي، يجعل الطفل يشعر بالخوف. لذلك علينا أن نحرص على عدم نقل مخاوفنا لأطفالنا.