أنفاس بريس 24: بقلم الباحثة وسيلة جلال
يعتبر فاتح ماي من كل سنة بمثابة تذكير بأهمية حقوق العمال في جميع أنحاء العالم، حيث يعود السياق التاريخي لهذا اليوم لأواخر القرن التاسع عشر ومع بداية الثورة الصناعية، وقد ظهر كرد فعل على ظروف العمل المزرية آنذاك والمتمثلة أساسا في الاستغلال من طرف المشغل والعمل لساعات طويلة تتراوح بين 10 و 16 ساعة وأسبوع عمل يصل إلى ستة أيام في الأسبوع دون أي اعتبارات، وعملت في ذلك الوقت النقابات العمالية الأمريكية على الخوض في غمار الإضرابات والإحتجاجات وقطعوا أشواطا كبيرة في إرساء تدابير الحماية الأساسية للعمال، وفي عام 1884 اجتمع اتحاد المهن النظامية والنقابات العمالية في شيكاغو وطالبوا بشيء واحد وهو “يوم عمل من 8 ساعات”، وفي الأول من ماي سنة 1886 أعلن أكثر من 300 ألف عامل أمريكي الإضراب، وبعد 3 أيام اجتمع الألاف من المضربين في ساحة “هيماركت” واندلعت أعمال شغب بين الشرطة والعمال ثم ألقيت قنبلة على الحشد فقتل عدة أشخاص فأطلق على هذا اليوم اسم “مذبحة هيماركت”، ومنذ ذلك الحين أصبح الأول من ماي عيدا للعمال، رغم اختلاف تاريخ عيد العمال في بعض البلدان هناك اتفاق على تخليد ذكرى المكافحين من أجل العدالة لجميع العمال.
يعتبر عيد الشغل من الأعياد الأكثر انتشارا في العالم، حيث يتم الاحتفال به في 130 دولة تقريبا، إضافة إلى أنه يعتبر في معظم دول العالم عطلة رسمية كما هو الحال في المغرب، ومنذ ذلك الحين وسنة بعد أخرى، أصبح عند كل عيد شغل تثار مسألة مهمة ألا وهي الحديث عن السلامة المهنية في أماكن العمل وتحسين أوضاع الشغيلة المادية والمعيشية والاجتماعية، فالأجير قبل إحداث منظمة العمل الدولية كان يستغل أبشع استغلال، وهو الأمر الذي دفع بالمشرع المغربي إلى إعطاء أهمية قصوى للشغل باعتباره يشكل ركيزة أساسية تتحقق بها إنسانية الفرد وتضمن له الاندماج داخل المجتمع، بل هو يأتي مباشرة بعد الحق في الحياة، وخصه بمقتضيات قانونية ترمي إلى تنظيم وتدبير الشغل وحماية الأجير على اعتبار أنه الحلقة الضعيفة في العلاقة الشغلية.
وعلاوة على ما سبق، يتضح من خلال واقعنا المعاش وجود علاقة وثيقة بين درجة الرضا المهني وطبيعة الظروف التي يشتغل فيها الأجراء، فكلما حرص رب العمل على التقيد بتدابير السلامة وحفظ الصحة ارتفعت الروح المعنوية في أماكن العمل، وكلما أنهك رب العمل الأجراء بالأعباء المهنية انخفض تقديرهم للوسط الذي يشتغلون فيه، إذ بالإضافة لكل التدابير المتخذة من طرف المشرع المغربي إلا أنها ليست كفيلة لتحقيق المبتغى، وبالتالي نعتقد أن الوقت قد حان للتسريع في إصدار القانون الإطار المتعلق بالسلامة والصحة في العمل مع ضرورة تحيين مضامينه بكل التدابير اللازمة بالسلامة والصحة في العمل.