أنفاس بريس 24: حاميد حليم
تحول” السمك” الى مادة للإستهلاك ليس فقط على مائدة المواطن المسحوق، بل مادة للاستهلاك الاعلامي . و هو نفس الجدل الذي يطفو كل رمضان حول ارتفاع الاسعار مقابل ضعف القدرة الشرائية للمواطن.
مؤشر بسيط على فشل استراتيجية اليوتيس في تحقيق هدف “الرفع من مستوى الاسهلاك السمكي للمواطن من 11كلغ/السنة الى 16كلغ/السنة”.
الظاهرة و إن كانت موسمية مرتبطة بشهر رمضان، فتبقى مؤشرا يعكس واقع الحال أن الاستهلاك السمكي هو استهلاك موسمي، و لا يدخل في النظام الغذائي للمواطن المغربي، حيث أن قائمة المواد الاستهلاكية من اللحوم سيكون فيها السمك مادة ثانوية مقابل باقي الأصناف من اللحوم الحمراء و البيضاء.
و اذا كان سعر السردين مثلا يصل الى 30درهم رغم أن هذا السعر افتراضي ، فباقي اللحوم تسعر ابتداء من 22 بالنسبة للدجاج ، الى 100 للحم البقر أو الغنم الى 120 بالنسبة للكبد و الكفتة..الخ.
الفرق بين الأسماك و باقي اللحوم هو أن اعدادها في رمضان غير اقتصادي اذ يتوجه المواطن الى تقنية “القلي” دون باقي التقنيات او الابداع في وصفات جديدة، علما أن عدد الافراد في الاسر في المتوسط يصل الى 5 أفراد، و بالتالي ما يصل الى بطن الفرد الواحد يكون قطعة أو قطعتين على اكبر تقدير ، أما باقي اللحوم فغالبا ما تستهلك كوجبات رئيسية في “العشاء” مرفوقة بالخضر و الفواكه للتحلية. أما قطع الديك الرومي او الكبد او الكفتة فهناك عشاقها الذين يؤتتون بها موائدهم لكن و بالقياس في السعر فالكلغ من لحم اليدك الرومي يصل الى 45 درهم في الأدنى، أي أعلى سعرا من أعلى سعر للسردين.
و بين هؤلاء و هؤلاء هماك شريحة من المواطنين الذي يقتنون خلال رمضان ” الأسماك جاهزة للاستهلاكfriture Mixte))” سوف لا تقل عن 70درهما، دون الحديث عن ما تحتويه من أنواع و قيمتها الحقيقية في السوق.
و هنا سيجرنا الحديث عن القيمة الحقيقية لبعض المنتجات البحرية الرائجة في السوق، حيث يتم استغلال جهل المواطن البسيط بالثقافة السمكية و القدرة على التمييز بين صنف من آخر، خصوصا تلك المعروضة في شكل شرائح أو قطع مجمدة.
إذ غالبا ما تكون مستوردة ومن الأصناف المستزرعة و قيمتها متدنية حيث يتم ترويجه بنفس القيمة السوقية المحلية، مقارنة مع المنتوج الوطني(الطبيعي/البري/الوحشي).
إن ارتفاع أسعار المنتوجات البحرية بالمغرب يخض لقانون العرض و الطلب تحت طائلة “الله يجيب الغفلة بين البائع و الشاري”.
فتجار السمك بغض النظر عن الوسطاء(الشناقة) همهم الاول هو التخلص من المنتوج مع منعرج” فيراج”، للوصول الى السوق إما الداخلي او الى الخارج، فالهدف هو الوصل الى السوق و الاستفادة من قلة المعروض،و تجنيب المنتوج الضرر في الجودة و في القيمة.
أما (الشناق)، فصنف من الوسطاء negoce، الذين يمارسون التجارة و بالتالي لهم خطة تسويقية لتحقيق الربح على حساب المستهلك و طبيعة عمل تجار السمك المهنيين في البيع الأول، مستفيدين من قانون حرية الأسعار و المنافسة.
و إذا كان رئيس غرفة الصيد البحري الأطلسية الشمالية قد قلب الطاولة على المضاربين بالمطالبة بتسقيف سعر السردين في ثلاث دراهم ،و لو أن هذه الخرجة يرى فيها المهنيون مزايدة سياسية و مهنية على اعتبار أن السعر المرجعي للسردين مسقف في بعض الموانئ على سعر3 دراهم من الميناء، و بالتالي ليصل الى المستهلك يحتاج في الأقصى زيادة 4 دراهم، إلا أنها خرجة تكشف البون الشائع بين سعر الإنتاج و ما يؤدين المستهلك بسبب طول سلسلة الوسطاء، و هو ما حاول السعدوني رئيس الفدرالية الوطنية لتجار السمك بالجملة التعتيم عليه بتوجيه الأنظار نحو قانون السوق(العرض و الطلب)، فقانون العرض و الطلب لا يشرع الباب أما الزيادة الفاحشة في الاسعار.
قبل سنوات إبان حكم عزيز الصيد، أعلن رواد الفضاء الافتراضي عن حملة افتراضية لمقاطعة المنتوجات البحرية تحت هاشتاك “خليه يخناز”، و هي رسالة من الجمهور الى جميع الفاعلين في سلسلة الانتاج و القيمة على وجود خلل و ضرورة التعامل من ترويج المنتوجات البحرية بالشكل اللائق بعيدا عن الانتهازية و حساب “الهمزة”، و انجاح ورش التشجيع على الاستهلاك السمكي بمقاربة شمولية و مندمجة و دامجة، فلا برنامج “حوت بلادي” الذي أنفقت على وصلاه الاشهارية الملايير أفلح في اقناع المواطن المغربي بتنويع مصادر البروتين و الاتجاه نحو المنتوجات البحرية،و لا تدخل السلطات الحكومية المكلفة بالصيد البحري و انقلابها على القوانين التي سنتها و شرعتها أفلحت في قطع الطريق على المضاربين.