أنفاس بريس 24: بقلم فاطمة اعنوز
كنت قد تناولت في مقال سابق، تحت عنوان “صحافة المقهى ام مقهى الصحافة”، موضوع تلك النوعية ممن ينتسبون للصحافة وهم لا يبرحون مكانهم في المقهى، فتستهويهم بعض المواضيع الدسمة المتداولة على شبكات التواصل الإجتماعي. تبدأ عملية النسخ الحرفي دون مراعاة لحقوق النشر ودون تصرف يذكر وربما نقله بعبله: بأخطائه و مغالطاته.
يكاد لا يخفى على كل متصفح لمواقع التواصل الاجتماعي التكرار في نقل الخبر بين “المناسخ الإعلامية”، مع التحفظ دون التعميم، حيث نجد المقال عينه على صفحاتها نقلا، دون تصرف، عن صاحب السبق، ويا له من سبق! لا يتغير سوى إسمي المنبر و “الناسخ الحرفي” للخبر. وأحيانا يبدعون في إختيار العناوين “خبر عاجل” هاهو جابها فراسو ” ” هادشي لي قلنا ليكم ” و ماخفي كان أعظم.
قد تثير حفيظتك تلك العناوين فيقودك حب الاستطلاع و فظولك الغريزي للاطلاع على محتوى ” صندوق العجب “، لتجد نفسك في صراع داخلي بين ما يمليه عليك ضميرك المهني و ثقافتك الأصلية وما يستفزه الموضوع بداخلك من مزيج بين الاشمئزاز و الرغبة في التهكم.
لا أقصد من هذا المقال ان أنتقص من طرف بعينه، ولكنها الغيرة على هذه المهنة الشريفة، مهنة المتاعب. فكيف لمثل هذه المواضيع و هذه المنابر ان تتحمل عبء وشرف المسمى ” السلطة الرابعة”؟ كلا ، فدور الصحافة يكمن في نشر النظام و الوعي والثقافة وهدفها الرقي بالمجتمع، بل وفي الكثير من الاحيان نقد السلطات الاخرى و إنارة الطريق لها. ولن يتأتى هذا المغزى الا بصحافة و رجالات غيورين على هذا البلد الراسخ في الثقافة و التاريخ.
دق ناقوس الخطر منذرا بوباء فتاك قد انتشر، تتعدى عدواه فيروس كورونا وايبولا وربما تفشت أعراضه في أساسيات المجتمع فقربت نهايته. فالتفاهة و الرعونة أصبحتا ملاذا لكل من يبتغي الشهرة و الترف السريع، فتكون الحصيلة كارثية بكل المقاييس.
أجدني الى جانب العديد من الزملاء و الأساتذة الافذاذ في هذا المجال ملزمة برفع النداء إلى من يهمهم أمر البلاد وصلاح العباد أن يقفوا في وجه هذه الفئة قبل أن يستفحل الأمر فتذهب بنا ريح التفاهة إلى العدم.
أصرخ من أعماق جوفي صرخة قد يذهب فيها صوتي و تتمزق فيها أحشائي، صرخة يصل مداها الافاق والاعماق، أنقذوا بلد الشرفاء، بلد العلماء، بلد الرجال من التفاهة التي باتت تغزو عالم الصحافة