حوار مع الرسام الجورجي ريزو مكفابيشفيلي أجرت الحوار الصحفية: دنيا الحسني- العراق
حوار مع الرسام الجورجي ريزو مكفابيشفيلي أجرت الحوار الصحفية: دنيا الحسني- العراق
أنفاس بريس 24: أجرت الحوار الصحفية: دنيا الحسني- العراق
لوحات واقعية انطباعية بلغة سردية تحاكي جوهر الطبيعةتمثل تجربة الرسام الجورجي ريزو مكفابيشفيلي بتعدد مناحي الأساليب الفنية في الرسم على الطراز الأوربي التراثي القديم، أستمد مقوماته من أسس واقعية بحس انطباعي يعود الى فطرته البدائية، فنرى فيها مستوى جديد من الواقعية يتبنى اسلوب المثالية من جماليات الموروث الثقافي الجورجي بلغة سردية قصصية تحاكي جوهر الطبيعة، حيث بسط من خلالها الصيغ الجمالية الطبيعية التي تتنوع فيها الأشكال والمضامين بأعادة صياغة التراث الثقافي الجورجي برؤية فنية متاثرة بمنظور الفنان فان جوخ ولكن برؤية جديدة بين الواقع والخيال ، لها علاقة مباشرة بالرسم الاحترافي لواقعية الشخوصات الدينية والتاريخية وما تختزنه وراء حجب الشكل من تنوع في المضامين الفكرية والثقافية المتاصلة بالإرث الإنساني مثل لوحة (يسوع المسيح، والقديس نينو،والرسل بطرس وبولس، والملكة تمارا) وغيرها من اللوحات التراثية السردية تحمل عبق خواطر شعرية براح الأحلام في طياتها من الأدب الجورجي العريق، تنسجم مع المناظر الطبيعية والمائية فيها البحار والخلجان في موانئها سفن حكايات العشاق الراسية. و سبوح البحيرات المتلألئة مع انعكاس السماء المرصعة بالنجوم والقمر المنير ما تبرزه فرشاة الفنان ريزو من تأثير الإضاءة ثلاثية الأبعاد في نظرية تنسجم مع دفء الألوان الرومانسية تعطي انطباعًا بروح حالمة متأملة هائمة في بارقات الأمل من ارجاء السماء لحضن عمق جمال الأرض الطيبة، فتبدو اللوحات كانها تتحرك إتجاه رؤية المشاهد بانسيابية بصرية طريفة، والقوارب الشراعية التي تتماوج في بحر هيام لين مشاعر الفنان ريزو، ينسج منها لوحات ذات مادة فنية ولونية متنوعة في محاولة لوصف مزيج من الروحانية والفلسفة مابين الواقع المادي الملموس والحسي الى ما وراء الطبيعة ماهو يستشعر روحياً، ويتم ذلك عبر البصيرة النافذة للفنان والغور في أعماق ذلك الواقع الجوهري للكشف عن ماهيات الأشياء وحقيقتها في الوجود، فيرتقي من حدود العالم الروحي الثالث إلى الابعاد الروحية الأبعد، يتبنى التصوير الواقعي البدائي بمنظور ميتافيزيقي للطبيعة والاشياء التي يستمدها من الانطباع العاطفي الروحي الداخلي ليعبر عن الدوافع البدائية بتقاليد كلاسيكية جديدة فالرسام المبدع ريزو لديه موهبة ربانية يرسم بيد واحده بسبب أصابته بجلطة دماغية مع شلل في جانب الأيمن، لكنه يختزل مهارات تجعله يبلور العملية الإبداعية وفق خاصيات جديدة وأسلوب فريد في تصويره بين الواقعية والانطباعية والنزعة الروحانية الذي يطمح جاهداً إلى إحياء التجربة البدائية في الفن الأوربي والعودة إلى الحالة الفطرة الطبيعية الممتدة من الحضارة الغربية عبر التاريخ فنجد المادة الفنية في صيغ فنية متنوعة ذات أشكال والوان مخملية ساحرة وفق نسيج لوني خيالي ينبض بتدرجاته المتناغمة والمتفاعلة داخل فضاءات أعماله الفنية التراثية الراقية.
وكان لنا معه هذا اللقاء الذي ينم عن متعة الخوض في السؤال والبحث في حوارية متأنقة بين الموهبة والفن والجمال على الطراز الثقافة الجورجية لنعرف ونتعرف أكثر عن هذا الفنان المبدع وعالمه النمق:
* كيف كانت بداياتك مع الرسم وما هو الفن بالنسبة لك.؟.
– عندما كنت طفلًا كانت لدي موهبة الرسم، ولم أفكر مطلقاً في أن اصبح فناناً ذات يوم، ولما استيقظت من النوم وأنا أفكر في الحلم الذي راودني نهاية الغابة الخريفية ظهرت قرية أمامي في ضوء القمر، ولقد وجدت دهانات الغواش فائق النعومة وأخذت أرسم القمر مع كل ضربة فرشاة تنتشر ألوانها لامعة أمامي وهكذا بدأت الرسم في التاسعة والعشرين من عمري، تركت عملي وواصلت الرسم وأنا متزوج ولدي أطفال كان الأمر صعبًا علينا لكن زوجتي من أصول روسية التي أحبتني كثيراً تعاملت باحتراف مع سلوكها وعملت هي نفسها طبيبة تساعدني دائماً وتشجعني وسرعان ما تمكنت من بيع اللوحات وأصبح الفن قوة كبيرة بالنسبة لي !.
* هل نهج اسلوبك الإبداعي تستمده خصوصاً من تراث الفن الجورجي القديم وهل تستخدم تقنيات حديثة في الرسم.؟
– بصفتي فناناً جورجياً تعلمت فن الرسم بنفسي وابتكرت أسلوبًا إبداعيًا واضح يعبر عن ماهيتي خرجت من جذور فيروسمان لكنني اتحدث بكلمة جديدة. و فيروسمان هو كبير الفانين ، كفنان جورجي علم نفسه بنفسه ، قال كلمة جميلة في الرسم. جورجيا بلد صغير وقد كتبته لأنني من جذوره. أما عن التقنيات الحديثة لا أعرف كيف أستخدم الخط الحديث تقنياً انا أرسم بالطريقة القديمة،،أرسم بكل حبي أولاً مع اليمين ثم مع اليسار هذه هي طريقة تقنيتي وخبرتي في الرسم.
* ماهو المحفز المعنوي الذي يدفعك للبحث والتجريب الجديد من خلال الإنطلاق إلى أحضان الطبيعة الخلابة. ؟
– لم أفكر في تجارب جديدة لأني حصلت على الاستقلال في الرسم بأسلوبي الخاص، كما نصحني خبراء الفن بعدم الذهاب للمتاحف والمعارض حتى لا أقع تحت وطأة الشيطان ولا أتأثر بالآخرين ولا أفقد هويتي كما يبدو أن اللوحات لها معنى تأثير فان جوخ على السماء، لكني هنا أحتفظ بممتلكاتي الخاصة من اللوحات لنفسي من بين الفنانين، أحب فان جوخ وتأثرت به أكثر من غيره سواء من حيث الرسم أو الشخصية.
* ماهي الألوان التي تهوى استخدامها أكثر في الرسم .؟
– لا أستطيع أن أحب أي طلاء آخر غير الزيوت وخاصة الكادميوم (fcess)
* لماذا تحب ترسم شخصيات تاريخية
ودينية مقدسة ما سبب دوافع جنوحك وجدانيًا نحوها؟.
– لقد أحببت الله منذ الصغر، فأنا أحترم جميع القديسين، من هو مؤمنًا حقيقيًا لا يستخدم اسم الله ويخدع ويقتل الناس جسديًا وروحيًا. إن يكون مسيحي أو مسلمًا، وايضاً أحب تاريخ بلدي كثيراً لذلك أرسم الشخصيات التاريخية الجورجية، كان ذات مرة في التاريخ القديم حكم المماليك الجورجيين مصر والشام.
* كيف كان حكم الجورجيين لبلاد مصر والشام ثم من هو الحاكم الذي برز بينهم آن ذاك.؟
– استمر حكم الجورجيين لمصر والشام على فترات متقطعة وكان الحاكم الذي برز خلال حكم مصر من الجورجيين هو علي بك الكبير والذي قاد ثورة للانفصال بمصر ويذكر أن علي بك الكبير استدعى عائلته من جورجيا للاقامة معه في القاهرة حتى مرض والده فغادرت العائلة الى جورجيا مرة أخرى.
* لاحظنا في لوحاتك الفنية تشتغل على المناظر المائية هل لك معها حالة وجدانية تجذبك للتأمل في مرافئ سواحلها .؟
– أنا أحب البحر الذي ليس له نهاية وأحب البحيرات التي تحيط بها الغابات والجبال والتي أسميتها بالحب، لأن هناك أزواج معهم سواء كانوا بشراً أو حيواناً أو طيراً، فهناك انسجام تام. وأيضاً أحب الأنهار الصغيرة التي أعرفها وأراها في بلدي، هذه هي الحياة ! وكل ما أريد فعله هو الرسم.
* ماهو النهج المعين الذي يدفعك لنقل الصورة الواقعية الانطباعية من التراث الجورجي عبر لغة الفن والألوان . ؟
– أفضل رسم الطبيعة،، تبدأ الحياة في ارجاء السماء مثل الرسم،، فاذا رسمت السماء اذا رسمت السماء فيها هواء الحياة المتجدد، وهكذا لن يبقى شيء قبل انتصار الرسم،، وبعد السماء تبدأ الأرض وأحاول رسمها بحيث يمكن الوقوف عليها ويكون هناك هواء نقي بين الأشجار النامية ثم الماء الذي رسمته كثيراً.
* ضمن تأملنا العميق في لوحاتك الفنية رأينا فيها جانب من التصوير الواقعي لشخصيات وطقوس دينية مقدسة مثل لوحة يسوع المسيح وغيره من الرسل هل تتبنى الافكار والمضامين التي من شأنها تعزز في احياء القيم الدينية والروحانية في الديانة السماوية .؟
– غالباً ما أفكر في الله الذي خلق كل شيء وعندما أجذب كل شيء حول الله بحب وخوف كبيرين أريد أحياء القيم الدينية والروحانية، لذلك أعتقد انه عندما يخبرني الناس أن رسومي هي علاج لهم وإنهم يحبونها، فقد أتخذت خطوة أخرى نحو الله وأشكره كل يوم لمنحي موهبة الرسم.
* هل تؤمن بأن ريشة الفنان وموهبته قادرة على إذابة جليد الاختلاف والابعاد الضبابية وسوء التفاهم بين البشر عن طريق رسم حوار انساني بين الفنون والأديان بأن الإله واحد. ؟
– اعتقد إن موهبة القلم والفرشاة والفنان يمكن ان تذيب جليد الاختلافات بين الناس والأبعاد الضبابية وسوء التفاهم واجراء حوار انساني بين الفن والدين وان الله واحد
وهو المصدر الإلهام العظيم لكل شيء.
* هل لديك مشاريع ومعارض فنية جديدة تريد اقامتها على المستويين المحلي أو الدولي.؟
– يمر الوقت ويصبح من الصعب إقامة المعارض حالياً بسبب الحرب ،، الأوبئة،، إختفاء الحب .. قلة مال الفنان والحمد لله.. ولكن لا يزال لدي معرض فردي في متحف مشهور عالمياً في بلدي، وكذلك يساعدني الكومبيوتر في مقابلة اصدقائي حتى يتمكن الجميع من رؤية ابداعاتي، ومعظم لوحاتي ليست للبيع ولكن الأصوات تقترب لتحويل عتبة بابي إلى متحف، وحالياً عاد حلمي القديم بالحصول على حديقة نباتية إلى الحياة مرة أخرى وهنا لابد لي من بيع بعض اللوحات لهذا العمل الرائع، وهكذا هي الحياة مليئة بالتناقضات والشذوذ ومع ذلك هي جميلة .
* لكل إنسان حلم و رسالة إنسانية كيف تترجم الهدف منها عبر لغة الفن والألوان . ؟
– أود أن أشير إلى شيء واحد في النهاية ذات يوم جاء راهب لتكريس كنيسة في قريتي كان مهتماً باللوحات التي تم رسمها للتو وقيل له أنه رسمها مجاناً كان يعتقد اني شخصاً جيداً وطلب مني البقاء، وفي عشية وضحاها، بعد حفل الاستقبال اخذتها لتعرض لي أعمالي وقف الراهب أمام كل لوحة وقدم شرحاً رائعاً على شكل قصة، فتحت فمي مفاجأة كبيرة، أتضح لي إنني استطيع فعل الكثير في عملي وتيقنت أن الفن حلم و رسالة إنسانية لا تنتهي.
* الكلمة الأخيرة النابعة من شفافية روح الفنان الملهم ريزو تحب أن تصل إلى عشاق الفنون حول العالم.؟
– أتمنى لعشاق الفنون في جميع انحاء العالم السلام والمثابرة! عسى الربَّ يوقف الحرب والظلم! وأعتقد أن الحب البشري سينتصر.
*السيرة الذاتية : الرسام ريزو مكفابيشفيلي ولد عام “1958” في جوري جورجيا. مهندس الاستصلاح المائي حسب المهنة. في 6 يونيو “1987” ، كان لديه حلم رسمه. بعد ذلك ، ترك العمل ليرسم بدوام كامل. “1993” في باريس ، حيث أصبح مهتمًا بالمعرض في شارع Rue de Seine (فرنسي ياباني). “34” لوحة كانت مخصصة لهم فقدها أبن عمه في ظروف مريبة ، وقتل (1995 وفاة لاعب رجبي في باريس). “2007 “أصيب بجلطة دماغية مع شلل في الجانب الأيمن حتى الآن بسب هذا الحادث المرير و بعد عام واحد ، بدأ الرسم بيده اليسرى وكان يفعل ذلك لمدة “14”عامًا. خط يده مختلف تمامًا عن الفنانين الآخرين. فهو يجمع بين الواقعية والانطباعية والبدائية. هناك هواء نقي في لوحاته الابداعية .