«عائشة البحرية» «نقابة مخاريق» مساعدة العوانس على الزواج بالقفة
«عائشة البحرية» «نقابة مخاريق» مساعدة العوانس على الزواج بالقفة
أنفاس بريس 24 انس موريد
الوصول إلى حيث عائشة البحرية ، يفرض اقتناء طاكسي صغير يُقل من حدود سيدي ر حال إلى الضفة اليسرى لوسط الدار البيضاء، حيث الوجهة، خصوصا أن الوصول إلى
هذا المكان برّاً يحتاج إلى أخذ «مقعد» في عربة تجرها الحمير والبغال، وعليها أن تقطع مسافة لا تقلّ عن ستة أو سبعة كيلومترات، أمّا «بحرا»، فإنّ مركب صيد يمكن أن يُقلك في ظرف زمنيّ قصير.
اليوم لم تعد الندوات في الفنادق تنتج سمكا ومشروبات، بعد أن اختنق المصبّ وهجمت رمال المندسين في الجسم الإعلامي على الأعماق ليهجر السمك، وحوت السردين تحديدا، ويتحول أشباه الصحفيين إلى مهمّة نقل زوار عائشة البحرية عفوا نقابة الاتحاد المغربي للشغل.
كان المكان عباراة عن «عمارة»، أو لنقل ضريحا طُليّ بالأبيض وفوقه ثوب أخضر، إنه ضريح لالة عائشة البحرية /عفوا نقابة الاتحاد المغربي للشغل. ، الولية التي تساعد العوانس على القفة الرمضانية..
ومرة أخرى، يسعفنا التاريخ وبعض مما حملته الأسطورة.. تقول الحكاية الشعبية إنّ أصل نقابة مهن الإعلام من المتطفلين والدخلاء، وكانت على علاقة روحية بمولاي ميلود إلى درجة أنهما كانا يلعبان الكرة، فتمرّ الكرة من الاتحاد المغربي للشغل لتصل إلى مهن الإعلام، بعد أن تقول له: «هاكْ آميلود في جنب الوادْ».. ويردّ عليها: «هاكي آعائشة في مهن الإعلام!»..
ومن القصص التي يُخبرنا بها ابن المقفع قصة «الحمار والبردعة»… والحمار غنيٌ عن التعريف، أما البردعة فهي ما يُشبه السرج الذي يوضع على ظهره، والقصة بلا طول سيرة أن حمارا لبّاطا كثير الأذى، كلما دخل السوق رفس هذا وعض ذاك، وطرح كل من في طريقه أرضاً، ولم يكن الحمار يكتفي بذلك بل كان يتلفُ بسطات الباعة، ويكسر جرار الفخارين، ويأكل خضراوات البائعين! وكان أهل السوق ينهالون على بردعته بالضرب المبرح، نافثين فيها تبرمهم، صابين عليها جام غضبهم، فلما رأوا أن هذا الحمار لم يغير من طبعه المؤذي توصلوا إلى أن لا حل لهم مع الحمار إلا في تغيير بردعته، لعل وعسى!
فبينما نحن جلوس بأمان الله ننتظرُ أذان المغرب إذ طلعت علينا شخصية جمعوية وأخبرتنا أنها تدافع عن القفة المهزلة / المذلة لأنها حذتْ حذو أحد مؤسسي جمعية مهن الإعلام ونقلتْ قففها إلى مقر نقابة الاتحاد المغربي للشغل! وكلنا نعرف أن هذه الشخصية ليست إلا بردعة، ومنا أشخاص لم يسمعوا بها أصلاً! فلماذا نرى هذه الشجاعة على البردعة ولا نراها على الحمار؟! ليست هذه الشخصية اليوتوبية هي التي تحدت رواد التواصل الاجتماعي ونقلت قففها إلى النقابة رغما عن أنف هذا الكوكب، نقابة الاتحاد المغربي للشغل هي التي فعلت، كان يجب قطع العلاقات مع الحمار الذي يرفسنا ليل نهار، يفسد الزرع، ويكسر الجرار، ويّغيّر حدود البلدان، ويُنصّب ويعزل الكتاب العامون!
نحن سُكان هذا الوطن نعرف وضع نقابة مخاريق المزري، الذي هو انعكاس لوضع الشغيلة المخزي، ولكننا أقنعنا أنفسنا أن الاتحاد المغربي للشغل ماتت، وأنها رحمها الله كانت تشجب وتستنكر وتدين يوم كانت حيّة في غرفة الإنعاش! ولا حاجة لنا اليوم في أن يُخبرونا في قنوات الأخبار أن نقابة مخاريق لم تمت، ولا داعي أن يبيعونا تصرفها هذا على أنه موقف رجولي، هذه رجولة منقوصة، ستصبحون رجالاً عندما تضربوا الحمار مباشرة، أما استعراض العضلات على البرادع فيشبه تصرف الزوج الذليل الذي يضربه كل سكان المدينة ويأتي آخر الليل ليضرب هو زوجته تعويضاً عن رجولته المفقودة!
يفرض الدخول إلى ضريح عائشة البحرية خشوعا وتضرّعاً لـــأهل «المكان». كما يفرض توفير الواجب المالي الذي يسمى «الفْتوحْ»، والذي يحول إلى صندوق خشبيّ يقتسم غنيمته أولاد سيدي مخاريق، الذين يَعتبرون أنفسهم حفدة عائشة / نقابة مخاريق والمُشْرفين على الضريح. هنا يجتمع ثلة من أشباه الصحفيين السعاية حول كيس هو خليط من المواد الغذائية و زيت الزيتون. وعلى الصحيفي أن يغرف منه ويمرّر هذا الخليط على خصلات شعره، وفي مفارق يديه، قبل أن تأخذ كمية منه ليكتب به اسمه واسم فارس أحلامه على حائط الضّريح..
يبدو حائط الضّريح أشبهَ بلوحة تشكيلية تختلط فيها أسماء المنتسبين للجسم الإعلامي ، من عمر إلى احمد وعبد الله ويوسف.. بموازاة كل الأسماء الرجالية التي يرمز كل واحد منها إلى «فارس أحلام» قد تقوده بركة عائشة البحرية في هذا اليوم الخاصّ إلى حضن عشيقته القفة الرمضانية..
أما المستفيد، فهم أولاد سيدي مخاريق، الذين يقولون إنهم يتحدّرون من الإعلام، والذين يوزّعون قفف الضريح عبر كل الفروع المكونة لهم، وهي مداخيل يعتبرها الكثيرون منهم مجرّدَ تقليد ليس إلا.
ولا غرابة أنْ يتواجد ضريح هذه السيدة ( نقابة مخاريق ) في شارع الجيش الملكي بالدار البيضاء، التي تعرَف بأوليائها الذين ربطتهم المعتقدات بالإحسان والبر بالفقراء والمحتاجين.. فمولاي مخاريق يساعد مهن الإعلام على أن ينجبن أشباه الصحفيين، وعائشة البحرية / نقابة الاتحاد المغربي للشغل تساعد على الزواج.. أما لالة يطو صاحب الجمعية المتبرعة بالقفف فتساعدهنّ على «ضبط» أزواجهنّ الخارجين عن الطاعة..