أنفاس بريس 24: جمال لعفو
بعدما كان جميع المتفائلين يعتقدون أن آخر نعش في الأمة انتهى بالدولة الوطنية أي أن أكثر ما يمكن أن نصل إليه في الوحدة هو أن نبقى متوحدين في دويلات صغيرة هنا وهناك ، انتظرنا طفل من هامش هامش المغرب العميق ليبعث فينا الأمل من جديد ويقول لنا هناك عالم من الوحدة جديد ممكن عالم توحيد القلوب والمشاعر العربية والإنسانية الصادقة التي كسرت سنوات من الكراهية والتقسيم بين الشعوب …
لكن دعونا نبدأ من حيث انتهى الحدث “موت ريان” في جب مظلم دام خمسة أيام من المقاومة والتحدي والتي تحاكي رغم اختلاف السياق والظروف حدث موت المقاوم الفلسطيني محمد الدرة الذي كان حفر كثيرا في قلوب ووجدان الناس جميعا …دعونا الآن نرثي ريان بهذه الكلمات العميقة :
ريان ملاك والملاك ترك وصية عنوانها العريض أحبوا بعضكم…
ابحثوا عميقا في قلوبكم ستجدونني..
علموا أبناءكم أنني الطفل المدلل للمعجزة ،
علموهم أنني معجزة الله لبني البشر
وأني في غياهب الجب ..مثلتكم جميعا !
علموا أبناءكم أنه لاشيء يعلمنا مثل الألم..
أن الوطن حين يدافع عن حياتي، تصفق البشرية كلها
وأن الوطن عنزة تنتظر عودتي وترعى في غيابي عشب أحبتي
وأن أمي صديقة البشرية، ترفع لها الدعوات وصحن ماء من نهر المحبات..
هنا من حوض النبي..وأن صورتي على قلب أمي، فلا تمسوه بألم بعدي..
علموا الآخرين أن يتعلموا لغة القلب العميقة وتقدير الإنسان الإنسان
علموا البلاد أن الأطفال يعطون الدروس ابتداء من السنة الخامسة…
علموهم أن أيادي “عمي علي ” أقدس ما يحمله رجل مغربي أصيل
علموهم أن جبلا بكامله سُيِّر لي
وتحركه إرادة الحياة
في بلادي..
وأني كنت هدية أبي إلى السما والملائكة
وأني علمتكم حب بعضكم
وعلمتكم الفلسفة، بعد أن علمتكم أمي الشعر..
وعلمتكم الحزن بعد أن علمكم أبي الصبر…
في قلبي الصغير اجتمعت طفولة العالم كلها
من غزة إلى تازة الى تيبازة .. وتوحدت الشعوب كلها وتوحدت الديانات كلها
علموهم إن عملية إنقاذي هي انقاذ لحس إنساني جماعي اعتقدنا أنه مات.
عملية إنقاذ لروح جماعية تصورنا أنها انقرضت.
عملية إنقاذ لشعور بالثقة في النفس والمؤسسات كنا في أمس الحاجة إليها.
عملية إنقاذ لصورة المغربي الشهم المغامر والطيب والعفوي الذي يستطيع أن يحول جبلا من مكانه من أجل واحد من أبناء بلده.