أنفاس بريس 24: منصف الادريسي الخمليشي
عندما تتفوق السلطة الإنسانية على السلطة القضائية و لأن مشكلتنا مع طريقة تسيير الدولة و نظامها العام, فهذا الذي يحاول سرقة جهاز ليست له قيمة مادية و لا قيمة فكرية فقط من أجل اقتناء علبة سيجارة أو ولاعة و قطعة من الحشيش من أجل تناسي ذلك العالم الذي هو قاس علينا, فهذا ما وقع في عز الانتخابات عوض أن يكون المنتخبون مهتمين لمثل هذه الحالات و خلق فرص شغل للشباب و خلق مراكز تأهيل للشباب, يتركون الأمر لرئيس السلطة القضائية أن يفرض جواز التلقيح و يستثمرون أموالا طائلة عليه, هل تعلم يا مخزن و يا رئيس الفرقة الوطنية لمراقبة التراب الوطني و يا ديستي أن مشكلتنا ليست مع من يكتب و يعبر على رأيه, لكن مشكلتنا في كيفية التعامل مع هؤلاء, طبعا في لحظة وقوع الحدث كانت كافة مشاعري هائجة و حاولت ضرب الجاني, إلا و أن بعد تفكير عميق في الأمر وجدت أنه ضحية دولة التي لم تعير لمثله أي اهتمام.
و لأن السلطة الربانية و الانسانية فوق أي سلطة بشرية ” القضاء” الذي لم يخلق فرص شغل لخريجي شعبة علم النفس و علم الاجتماع و يكتفي فقط بمن يحصلون على الاجازة في القانون, و الحكومة التي تفتتح أبراجا عالية و لا تحاول أن تشغل شبابنا المشتاق لدرهم حلال.
فعلا هي قصة بسيطة و لكن ما تحتويه من عبر لمخزن يفكر في ذاته و لو كان مخزن ينهج المدرسة الفعلية و يبتعد عن القول سنكون خير أمة أخرجت للناس.
في عدة الدول يعتبر السجن رحمة إلا في المغرب هو ذلك المكان الذي يتمناه كل شخص حيث هناك الحياة الكريمة “بعيدا عن القراعي” فالسجن في عمقه هو مؤسسة تأديبية و ليست تعذيب.
و لأن لا سلطة فوق سلطة الانسان, ذلك الانسان الذي يدافع عن القضايا العادلة, فالعدالة هنا هي أن نقدم أحيانا تنازلات من أجل إفساح فرص جديدة لمراجعة الذات, فالجاني نطلب له الهداية و الدولة هي أيضا يجب أن تراجع ذاتها و تبحث عن حياة أفضل لساكني هذه الأرض هذا الوطن, و إلا فما هو الوطن؟ و ما هي الوطنية, هل تواجهون الهجرة السرية و أنتم تمارسون النكاح السري؟ تزورون تقارير وضعيات حقوق الانسان, و تحاولون توهيمنا بأننا في دولة القانون و دولتنا شهدت و تشهد و ستشهد ردة حقوقية, إن لم يكن التدخل العاجل غير الآجل لسلطة القدر ليفك أسرى الأحرار.
ماذا تنتظر من شاب رأى النور في هذه الدولة العادلة جدا في السنة الرابعة من الألفية الثالثة, فتح عينه أمام المخدرات و الدعارة و الفساد الاقتصادي و السياسي و الثقافي و الاجتماعي, لماذا الفساد, و نحن خلقنا في هذه الدنيا لمحاربة الفساد, هل همنا الوحيد هو حماية الخيرات؟ من صحراء و جزر, فطارق ابن زياد قبل أن يفكر في فتح الأندلس كان قائدا و كانت دولته تضمن كافة الحقوق و الحريات لأفراد جيشه, و صلاح الدين الأيوبي هل كان سيفتح القدس و يصلي فيها لولا وثوق جيشه فيه؟ أكيد لا, فنحن بحاجة إلى بناء الانسان قبل بناء الجدران, و هذا ما سيجعلنا أن نذكر نموذج اليابان و سنغافورة و الصين عندما كانت البداية ببنايات اسمنتية اضمحلت الجريمة و الفقر و النهب و الفساد و لكن عندما فكروا في بناء الانسان و تثقيفه نجحوا في بناء الحضارة و الحفاظ على قدسية الدولة بل و ضمان الاحترام لها, فكوريا الشمالية قبل إعلان هذه القوانين الغريبة فيها تم ترويد الشعب و إعدادهم لذلك النظام, فحاول أن تقنع مواطن من كوريا الشمالية أنه مقموع, أكيد سيقول لك ”نحن ننعم بالديموقراطية العادلة” و هذا ناتج عن البناء العادل للإنسان, لكي نصل لقناعة واحدة أننا جربنا أزيد من ستين سنة من بناء الجدران و السدود و القناطر, انتفع منها الانسان ماليا و لكن هل تم بناء الانسان؟ و هل تم الاعتناء به على أساس أنه إنسان ولد حرا طليقا, كفانا من تسييس القضية الانسانية, يجب أن نجتمع على رأي ألا و هو المسؤول هو خادم للسائل, فالمسؤول و السائل مواطنين و يجب أن يتمتعا بحقوق مدنية على حد سواء لأن الآيات قد تتبدل, لأن مشكلتي مع الدولة فأنا الموقع وسطه حيث ليس هناك يمين و لا يسار فالحياة قائمة على وسطية و اعتدال, فلا توقع و أنت غير راض على ما قد يقع, شكرا للدولة النزيهة…