أنفاس بريس 24: بقلم ذ محمد النكاز
إننا نحتاج أولاً إلى فهم واسع لهذا الطفل في هذه المرحلة ،إن هذه المرحلة من سن ثلاث إلى ست سنوات التي تعد مرحلة نمو قائمةبحد ذاتها لها صفاتها ومميزاتها ، وهي تختلف عن أية مرحلة سابقة او لاحقة ، وقد سميت بالمرحلة الحركية لأهمية التعلم فيهابواسطة الحواس واهمية كثرة حركة الطفل فيها، ودعيت أيضاً بالمرحلة الصورية للتركيز على ان إدراك الطفل يتميز فيها بكل ماهوملموس ومحسوس فتصعب عليه عمليات التجريد والترميز ، وتستمر هذه المرحلة حتى حوالي سن السادسة وهي السن التيتتماشى مع دخول الطفل إلى المدرسة الابتدائية ، لذلك نتوقع من طفل في هذه المرحلة ان يستوعب مفهوم التعلم ونتوقع منهصعوبة إستيعاب التضحية واللاخلاص والغيرة ، ويمكن وصف التعلم بإيجاز في كونه اكتشاف المحيط بجوارحه حيثـ يتعلم الطفل وينمو بواسطة حركته : يمشي ، يجري ، يقفز ، يتدحرج ، يزحف ، يتسلق ، يركض ، يهبط ، يدور ، يختبيئ ، يتكورـ يتعلم الطفل وينمو من خلال تعامله المباشر مع المواد المحيطة به فهو يمسك الشئ بيده ، يرفعه ثم ينزله يقصيه ويدنيه يطرقة علىالارض وينصت إلى اصواته يقارنه مع شئ آخر ، يضعه فوق شئ آخر ، يدخله ويخرجه ويقيم عليه تجاربيتعلم طفل بكامل حواسه ، يسمع وينصت ، يلمس ، يتأمل ويراقب ، يفحص ، يشم ويتذوقـ يتعلم الطفل وينمو وهو يعبر عن نفسه لغوياً : فيتكلم ، يشرح ويسأل ، يجيب ويردد ، يستفهم ويوضح ، ينشد ويكرر ، يصرخويرفض ، يقلد ، ويشير ويحاور ، ويصف ويهمس ، ويتمتمـ يتعلم الطفل وينمو وهو يعبر عن نفسه بطرق مختلفة : فهو يرسم ، يدهن ، يصمم ، يبني ، يهدم ، يشكل ، ينحت ، يلون ، يقلد ،يتخيل ، يقص ويلصق. الطفل إنسان متميز له خصائصه الفريده التي تنبع من مجموع تجانس والتحام طبيعتة وخصائص نموه وبيئته ومعالمها المتميزة ومكانتة ووضعه فيها ، فمجموع العوامل الوراثية والبيئية المختلفة لكل طفل تتفاعل بإستقلالية لتعطيه بصمة الإصبع الخاصة به ،وبصمة التفرد الخاصة بشخصة،فعندما يدخل الطفل الروض للمرة الاولى يواجه بيئة جديدة ذات قواعد واصول مختلفة وذاتاهداف اخلاقية إجتماعية قد لا تتماشى مع السلوك الذي تعود عليه في بيته ، يصتدم بقوانين و نظم معين يسيروفق ايقاع زمني محدد وعندئذ تحتاج المعلمة إلى تعديل سلوكه وتحويله وهنا تستعمل المربية قدراتها و خبرتها لتعديل سلوكه و جعله مقبولا ومفيدا لهولجماعته الجديدة ، وقد يجد الطفل نفسه حائراً امام موقف جديد عليه لم يواجهه من قبل ولا يجد في خبرته السابقة ما يدله على كيفية التصرف السليم فيظهر مشاعرالخوف او الغضب او الاستياء من ذلك ويتصرف بأسلوب مؤذ او ينسحب من الموقف ويتراجعوينزوي او يسأل معلمته عما يجب عليه القيام به ، حينئذ تتدخل المعلمة وتعرض للطفل بدائل متعددة لسلوك جديد يختار منها مايناسبه ، وتحاوره وتسأله لتساعده على إختيار ما هو أنسب له ولمجموعته وما يحقق الاهداف التربوية بعيدة المدى التي تصبو إليهاتوجيه السلوك من منطلق الاستمرارية مما يحتم التعاون مع الام : إن عملية توجيه السلوك عملية مستمرة تبدأ قبل دخول الطفلالمدرسة وتتم على يد أهله وذويه ولا تنتهي بعد خروجه من الروض ، لأنه يظل طفلاً يخطئ ويصيب في المراحل العليا الأخرى ،لذلك يتحتم على المربية أن تتعرف على والدة كل طفل او مربيته الاساسية جدة كانت او عمه أو خالة ، ومن خلال تعرفها عليهالتتعرف على الاساليب التي تتبعها والانظمة التي تضعها لتوجيه سلوك الطفل في البيت.
عندما تجمتع مجموعة من المربيات و الامهات يدور الحديث ويتشعب حول مواضيع تتعلق بتربية اطفالهن ، وسرعان ما يطفو إلىسطح الحديث اساليب العقاب والثوابت المستعملة والناجحة في آن واحد ، المجربة من قبلهن والتي اوقفت السلوك غير المرغوب فيه او حسنت منه ،وينتهي الحديث بسؤال يتعلق بالأسلوب الاكثر فائدة والاقل ضرراً ويتم إتفاق الجميع على تحاشي إيذاء الاطفال وترك آثار سلبية فيحياتهم ،ان الانتقال من البيت الى الروض هو شبيه بالفطام شعور غريب ينثابه صدمة نفسية تجعله يثور و يرفض هذا التغييريصحبه بكاء و عنف قوي يزول مع مرور الوقت و ينتهي عندما يربط علاقة الصداقة مع اقرانه و محيطه المليئ بالالعاب و الاشياءالمسلية و مع مربيته خاصة عندما تستعمل المربية مع اطفالها كلمات مديح مثل (ممتاز) و (عظيم) و (أحسنت) وتكررها معتبرةإياها مؤثرات تشجع الاطفال على المثابرة في عملهم ، لان هذا النوع من المديح يدعم الطفل ويعزز اداءه فيعود ويكرره و ينضبطأكثر من ذي قبل، قتعلمهم التعبير عن مشاعرهم وافكارهم حول اسلوب عملهم وإنتاجهم ، وتظهر لهم متعة المشاركة والتعاون في القيام بمسئوليات وإنجاز المهام.