الدعم التربوي البيداغوجي و نمط التعلم عن بعد
أنفاس بريس 24: بقلم د. عبد الرزاق أعوج
رغم انتشار فيروس كورونا ” كوفيد 19 ” فإن حكومات مختلف بلدان العالم قد قررت فتح المؤسسات التعليمية من أجل مصلحة المتعلمات والمتعلمين ؛ وضمان استمرار الدراسة في ظل أنماط تربوية متباينة ؛ ويبقى أهمها التعلم بالتناوب وفق نمطين تربويين هما التعلم الحضوري والتعلم عن بعد .
خلال بداية الدخول المدرسي من هذا الموسم 2021/2020 ؛ شهدت العملية التعليمية التعلمية مخاضا عسيرا في صفوف كل المتدخلين في الشأن التعليمي ؛ حيث اتفق الجميع على أهمية استئناف فعل التعلم منذ بداية شهر شتنبر 2020 ؛ مع احترام تام لنظام بروتوكول صحي صارم من أجل سلامة العنصر البشري .
مباشرة بعد اتمام عمليات التسجيل والتحاق المتعلمين بالأقسام الدراسية ؛ تم إقرار مقاربة بيداغوجية طيلة شهر شتنبر وخلال بداية شهر أكتوبر 2020 ؛ وقد أطلق على هاته العملية ” الدعم والتتبيث ” لتشخيص صعوبات التعلم ودعم التعثراث .
من خلال ماسبق يمكننا استحضار أهمية ” الدعم التربوي /البيداغوجي ؛ على أساس أننا في الأسبوع الثاني من شهر مارس 2021 ؛ حيث يمكن اعتبار هاته الفترة الزمنية جد حاسمة بحكم الاقتراب من فعل أجراة برنامج الفروض المستمرة والامتحانات الإشهادية المقبلة بجميع الأسلاك التعليمية ( إبتدائي و إعدادي و ثانوي ) .
ومن هنا يمكن طرح العديد من الأسئلة الإشكالية للإجابة عنها في هذا المقال التربوي .
_ مامفهوم الدعم التربوي / البيداغوجي ؟
_ ما أهميته خلال موسم دراسي استثنائي ( 2021/2020) ؟
_ ما هي طرق الدعم التربوي/البيداغوجي في ظل جائحة كورونا ؟
الباب الأول :
مفهوم الدعم التربوي : الدعم التربوي بشكل مجمل هو مجموعة من الوسائل والتقنيات التربوية التي يمكن اعتمادها داخل الفصل او خارجه ؛ لتفادي الصعوبات التي قد تعترض المتعلمات والمتعلمين .
الباب الثاني : أهمية الدعم التربوي / البيداغوجي ( خلال موسم استثنائي 2021/2020 )
يشكل الدعم التربوي إجراء مرتبطا بعملية التقويم التي تسبقه حيث يسجل الأستاذ مختلف النواقص والتعثرا ت ؛ وذلك مباشرة بعد استثمار نتائج التعلمات السابقة وخلال مرحلة محددة .
وقد كشف التقويم التشخيصي للموسم الدراسي الحالي 2021/2020 عن وجود نقص كبير في مكتسبات المتعلمين القبلية ؛ والتي ستحول لامحالة دون متابعتهم لتعلم جيد . لهذا وجب اتخاذ تدابير بيداغوجية وقائية وداعمة تمكنهم من المتابعة الجيدة لمختلف المعارف المستقبلية للوصول إلى الكفايات والقدرات المستهدفة حسب كل مادة او كل مستوى دراسي معين . والتي سيتم أجرأتها باعتماد المدرس(ة) لمقاطع او أنشطة تعلمية تتغيى ذلك وفق منهجية تدريسية تحترم جوانب ( المعرفة والديداكتيك والبيداغوجيا ومنهج الاشتغال ) . وكل ذلك لضمان حصول المتعلمات والمتعلمين على نقط متميزة خلال فروض المراقبة المستمرة او الامتحانات الإشهادية ( المحلية أو الجهوية او الوطنية ) .
كما أن أهمية الدعم التربوي/ البيداغوجي تتجلى من خلال المعاينة التي يقوم بها المدرس(ة) وهو يباشر عمليات ” التقويم التكويني ” الذي كشف أيضا خلال هذا الموسم الدراسي وجود العديد من الصعوبات والتعثرات لدى المتعلمين خلال مسارات تكوينهم .
كما أبرزت أيضا نتائج التقويم الإجمالي عدم بلوغ المتعلمات والمتعلمين لمختلف الكفايات والقدرات المستهدفة مسبقا وعدم اتقانهم لها . لهذا وجب التفكير في ضرورة وضع برنامج دعم تربوي شمولي يستهدف جميع المواد الدراسية مع الأخذ بعين الاعتبار ” المنهاج المندمج والكفايات المستعرضة ” .
الباب الثالث :
أنواع الدعم التربوي / البيداغوجي :
أ _ الدعم المندمج : يتم في إطار أنشطة القسم الصفية ؛ حيث يعتمد الأستاذ(ة) مقاربة بيداغوجية تستهدف دعم تعثرات المتعلمين وتطوير كفاياتهم وقدراتهم .
ب _ الدعم المؤسسي : يتم خارج القسم / الفصل الدراسي وذلك في إطار أقسام خاصة ويجب ان يكون مبرمجا في الأنشطة التربوية الخاصة بمشروع المؤسسة ؛ لتغطية مختلف جوانب النقص لدى المتعلمين ؛ ويمكن أجرأته بقاعات متعددة الوسائط ( salles multimédia) أو بالخزانات المدرسية …
ج _ الدعم الخارجي : يتم هذا النوع من الدعم التربوي/البيداغوجي خارج أسوار المؤسسات التعليمية ؛ في إطار شراكات مع مؤسسات اقتصادية أو جماعات محلية أو مع جمعيات تنموية او بمراكز التكوين و دور الشباب ومراكز التوثيق …
ويمكن تنفيذ عمليات هذا الدعم التربوي / البيداغوجي عن طريق دعم جماعي أو فردي للمتعلمين من أجل ” الدعم و التتبيث “او في إطار دعم تبادلي او الدعم المهاري او دعم المتعلمين لبعضهم البعض …
وتجدر الإشارة أن عمليات الدعم التربوي/ البيداغوجي لا يمكن ضمان نتائجها إلا من خلال اعتماد منهجية ثلاثية تتمثل في : التشخيص والتخطيط والتقويم ( اي تقويم جميع عمليات الدعم التربوي ) .
الباب الرابع :
طرق الدعم التربوي/البيداغوجي في ظل جائحة كورونا ” كوڤيد19 ” : لا يختلف اثنان أن جائحة كورونا “كوڤيد19″ قد فرضت نفسها على جميع المتدخلين في المنظومة التربوية او العملية التعليمية التعلمية ؛ ونقصد بذلك وزارات التربية والتعليم في جميع بلدان العالم ؛ إضافة إلى المسؤولين المركزيين والجهويين والإقليميين بمعية الأطر الإدارية والتربوية وهيئات الإشراف التربوي ومستشاري التخطيط والتوجيه المدرسي والمهني . على اعتبار أن نمط التعلم الذي فرضته ظروف هذا الوباء ( فيروس كورونا ) هو التعلم بالتناوب اي ( التعلم الحضوري والتعلم عن بعد ) .
كما أن التعلم الحضوري وجب ان تتم ممارسته في إطار احترام تام لشروط التباعد الاجتماعي وهذا ما اطلق عليه ” بالبروتكول الصحي ” حيث تم التنصيص على ذلك عبر إصدار مذكرات ومقررات وزارية . وإذا كان هذا الموسم الدراسيو2021/2020 استثنائيا فإن ممارسة الدعم التربوي سيكون هو الآخر استثنائيا ويقتضي نوعا من الاجتهاد الإبداع الإستثنائيين أيضا ؛ خصوصا فيما يخص نمط دعم المتعلمين عن بعد .
أ _ الدعم التربوي / الحضوري ( داخل الفصل ) : أي أن المدرس(ة) سيباشر عمليات الدعم التربوي بشكل اعتيادي من خلال المعاينة المباشرة لتلامذته ؛ وتوجيههم من أجل تجاوز الصعوبات التي تصادفهم .
ب _ الدعم التربوي / عن بعد : لقد صادف هذا النوع من الدعم ولايزال حاليا العديد من المطبات خصوصا في البلدان النامية او الفقيرة ؛ بسبب انعدام الوسائل التقنية والتجهيزات التكنولوجية الحديثة المتعلقة بوسائط السمعي البصري بالمؤسسات التعليمية ؛ ناهيك عن عدم توفر المتعلمات والمتعلمين على الحواسيب او اللوائح الإلكترونية او الهواتف الذكية من أجل الاستفادة من هذا الدعم التربوي/ البيداغوجي الذي تم برمجته من طرف المؤسسة التعليمية بتوجيه متعلميها خلال فترة التوقف عن الدراسة والمكوث بمنازلهم .
لكن و على الرغم من هاته القلاقل التي خلقت زوبعة بيداغوجية بلا هوادة ؛ فإننا سنقترح حلولا عملية يمكن أجرأتها على أرض الواقع لضمان دعم تربوي ناجح ( عن بعد ) في ظل جائحة كورونا والتي تتمثل فيما يلي :
_ ضرورة برمجة حصص الدعم التربوي /البيداغوجي ( عن بعد ) بالقنوات الفضائية الوطنية خلال فترة عدم تواجد المتعلمين من الفوج الثاني بالأقسام .
_ يجب أن يشمل الدعم التربوي/البيداغوجي جميع المواد الدراسية والمستويات التعليمية
_ اعتماد منصات رقمية تواصلية من طرف الأكاديميات الجهوية والمصالح الإقليمية تتغيى وضع برنامج هادف لدعم التلاميذ .
_ تجهيز المؤسسات التعليمية بقاعات متعددة الوسائط وربطها بشبكة الإنترنت ؛ لتسهيل وتيسير مجهودات الأطر الإدارية والتربوية الإشراف على هاته العملية التربوية في إطار الإستمرارية البيداغوجية .
_برمجة التكوين المستمر للإداريين والمدرسيين في المجال الرقمي وتقنيات التواصل عن بعد من أجل تجويد آدائهم خلال عملية الاتصال والتواصل مع المتعلمات والمتعلمين .
_ توزيع لوحات إلكترونية على المتعلمين المعوزين وربطها بشبكة الإنترنت لضمان متابعتهم للدراسة والاستفادة من هذا الدعم التربوي/ البيداغوجي الهادف .
خلاصة :
إن المؤسسة التعليمية في كل بلد هي عبارة عن صورة مصغرة لحياة اجتماعية ؛ ولايمكن إصلاح المجتمع إلا بإصلاح المدرسة ؛ لكن في زمن كورونا أضحى قطاع التربية والتعليم يتأرجح بين النجاح تارة وبين الإخفاق تارة أخرى . ومن هنا نستخلص أن عمليات الدعم التربوي/ البيداغوجي تبقى صعبة المنال ؛ لكونها تتعارض مع مجموعة من المعيقات الاقتصادية و الاجتماعية والنفسية التي تحد من تجويد التعلمات والرقي بمستوى المتعلمات والمتعلمين .