منح في محن
أنفاس بريس 24: بقلم جهاد الساخي:
بسم الله الرحمن الرحيم:”وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ”. صدق الله العظيم.
كثير منا اعتبر الفترة التي فرض علينا فيها البقاء في بيوتنا بسبب ” وباء كورونا ” ابتلاء و محنة، لكن و بعد وقت وجيز، تبين أنها منحة ربانية قربتنا من أسرنا الصغيرة..من آبائنا و إخوتنا و أولادنا و أزواجنا، ووسعت دائرة التواصل بيننا، و أوقدت ما خبا من مودة و محبة، وجعلتنا نعيد ترتيب أولوياتنا و اهتماماتنا، و نحدد الأشياء التي نحتاجها و الأشياء التي نستطيع الاستغناء عنها.. ببساطة لقد كانت فرصة ذهبية لنا لا تقدر بثمن..
أما بالنسبة لهذا الوباء، فلا زلنا نجهل حقيقته، لكننا صرنا ندرك بعد انكشاف مجموعة من الحقائق، أن أشياء كثيرة تتعلق به كانت مجرد خدع و أكاذيب.. لا نعلم بالضبط الدوافع وراءها، لكنها بالتأكيد ستكون دوافع شريرة و قذرة، و نقول كما قال الشاعر:
“ستبدي لك الأيامُ ما كنتَ جاهلاً * ويأتيك بالأخبار من لم تزوِّدِ
ويأتيك بالأنباء من لم تَبعْ له * بتاتاً ولم تَضرب له وقت موعدِ” .
المهم من هذا أننا خرجنا من هذه التجربة بدروس وعبر و أشياء جميلة استعدناها بعد أن ضيعناها في خضم الركض وراء ملهيات الحياة، وانقيادنا وراء أنفسنا و رغباتنا، و أعدنا النظر في علاقتنا بخالقنا و مآلنا، و في غايتنا من هذه الحياة، و رأينا عين اليقين حقارة الدنيا و تفاهتها.
..استرجعنا ما فقدناه – بعد تفكك – من ترابط و التحام و انسجام أسري هو النواة الأولى في بناء أي أمة أو حضارة، و الركيزة الأساسية لأي تقدم، إذ إن الأسرة عماد المجتمع و قلبه النابض.
قد لا تظهر نتائج ما نتحدث عنه الآن، لأن الداء استفحل في جسد الأمة و عشش في عروقها، يلزمه وقت و إرادة تكون بداية للتغيير و تبدل الحال إلى الأفضل، لكن بالنهاية سيعطي ثمره بعد مدة قد تطول و قد تقصر، ليعاد كتابة التاريخ و رسم الحكاية.