فنانون و الحجر الصحي طارق الربح: الحجر الصحي فرصة للبحث و الابداع
انفاس بريس 24: تحرير: منصف الإدريسي الخمليشي
يعتبر السينوغراف، الدكتور طارق الربح, باحثا مسرحيا و مديرا لدار الثقافة بني ملال, أحد مثقفي المدينة و مبدعيها، حيث حصل على شهادة الباكالوريا في شعبة الفنون التشكيلية، من ثانوية الحسن الثاني بمراكش، قبل أن يلتحق بالرباط للتخرج من المعهد العالي للفن المسرحي و التنشيط الثقافي في شعبة سينوغرافيا. وهو حاصل على ماستر في الدراسات المسرحية في موضوع “السينوغرافيا و مجالاتها” بجامعة ابن طفيل بمدينة القنيطرة، وقد ناقش أطروحته بنفس الجامعة، في موضوع: مسرح الشارع بالمغرب، التأسيس والتطلعات.
كما أنه قام بعدة تكوينات في المجال المسرحي الاحترافي بفرنسا، منها: ” تكوين لمدة ثلاثة أشهر بالمسرح الوطني لمدينة ستراسبورغ (TNS)، في السينوغرافيا”
كما أنه أسهم في تأسيس عدة مهرجانات وتنظيمات جمعوية، منها جمعية سينوغرافيي المغرب، والفيدرالية المغربية لفنون الشارع.
في ظل الأزمة الأممية التي يعرفها العالم، وداخل الحجر الصحي كان ضيفا ضمن سلسلة حوارية تحت عنوان “فنانون والحجر الصحي”
في جواب له على سؤالنا: “ما هو تعليقك على هذه الظرفية التي نعيشها حاليا”، اعتبر الدكتور طارق الربح هذه الظرفية تجربة من تجارب الحياة، وبرغم قساوتها ستكون مرحلة غنية وبناءة. و ستكون فرصة لتقييم وجودنا الانساني في هذه الحياة المليئة التي تحتمل كل شيء، فكورونا هي امتحان لمن أراد استثمارها، حيث الاحساس بالمسؤولية هو أهم شيء يركز عليه الدكتور طارق الربح في هذه الظرفية التي تعتبر قنطرة من أجل تصحيح مسار الحياة ومراجعة الذات، حيث شغلنا العيش وتعاقب الايام، حتى أصبحنا نظن أننا الوحيدين على وجه الأرض، في حين أن هذا الكوكب للإنسان و لمخلوقات وأشياء أخرى. واعتبر محاورنا هذه الفترة نوعا من النقاهة للأرض و لنفوسنا من أجل استشعار الوجود من حولنا والتفكير في ذواتنا.
كما أن الفن لا يتوقف ولا يمكن تغييبه، فهو مستمر في كل الظروف، فالدكتور طارق الربح يستغل الظرفية في تعميق الفكر في مقترحات فنية، بدأها قبل الحجر الصحي. وباعتباره مدبرا ثقافيا ومديرا فإن الربح في بحث دائم عن أساليب تدبيرية جديدة تتناسب مع الظرف المستجد، ومبادرات سباقة من أجل استمرار أنشطة المركز الثقافي لمدينة بني ملال، بكونه مدير هذه المؤسسة. فهناك اجتماعات دورية بالمؤسسة، او عن طريق التقنيات الحديثة، مع المديرية الجهوية للثقافة ومع مرتفقي دار الثقافة و المهتمين بالشأن الثقافي، بالمدينة. كما أن هناك مبادرة فنية أطلقتها فيدرالية المغرب لفنون الشارع التي أسمتها “شارع الحجر” حيث تم إعلانها منذ شهر، والهدف الأسمى للمبادرة هو تحفيز روح المبادرة في مجال فنون الشارع، وخلق فرص اشتغال بديلة ورمزية لفناني الشارع و ذلك عبر تقديم أعمال فنية عن طريق تقنية البث المباشر على الصفحة الرسمية لفيدرالية المغرب لفنون الشارع، ليتواصلوا ويتفاعلوا من أجل تخفيف وضعية الهشاشة التي يعيشونها، خصوصا في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها المملكة المغربية والعالم. ويؤكد محاورنا أن هناك مبادرات أخرى مقبلة، فطالما أن هناك استمرار للحجر الصحي إلا والكل مطالب بالتفكير في طرق بديلة و كفيلة بخلق فعل ثقافي جاد ومفيد. فالاستمرار في الاشتغال هو عماد لفائدة الحياة والتفكير في الصالح هو الغاية الملحة التي يجب أن يطمح لها الجميع، على اعتبار أننا جزء من هذا الصالح الشامل.
وككل سنة، يحتفل العالم كل يوم 27 من شهر مارس، باليوم العالمي للمسرح، وامتازت هذه السنة بالرسالة التي كتبها المسرحي الباكستاني “شهيد نديم” وترجمها للعربية المسرحي العربي ” سامي الزهراني”، وبما أن العالم يعيش ظرفية خاصة قرر الدكتور طارق الربح أن يقوم بتجربة قراءة رسالة اليوم العالمي للمسرح عبر تقنية المباشر من مقر المركز الثقافي، على اعتبار أن الحجر الصحي، لا يعني توقف الحياة، ولا تأجيل الفن والابداع، الأمر الذي لقي استحسانا كبيرا لدى عامة الجمهور، الذي تابع المبادرة التي تعد الأولى من نوعها، كما لقيت المبادرة متابعة إعلامية كبيرة على الصعيد الوطني والعربي، و تجاوبا مهما للفاعلين المسرحيين. وفي ظل طرح سؤال، عن أهمية الفعل الثقافي في هذه الظرفية، كان السبق في المبادرة، أساس انسجام عامة الناس، وإدراكهم أن الفعل الثقافي لا بد من استمراره ما استمرت الحياة.
كما حدثنا الدكتور “طارق الربح” عن يومه داخل الحجر الصحي، فوصفه بالصاخب في سكون، فرغم الحجر الصحي و التزامه المنزل في غالب الاوقات، إلا أن هناك اشتغال بكيفية مستمرة، وذلك عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي في مواضيع ثقافية مختلفة، فمنها المواضيع الفنية، كما أن هناك اتصالات تهم الالتزامات الادارية الملقاة على عاتقه باعتباره مديرا لدار الثقافة بني ملال، أو الاتصالات المرتبطة بمختلف المبادرات التي يسهم فيها. ويظل هناك وقت من أجل مشاهدة فيلم أو قراءة مقال أو كتاب، مما يجعل يوم السينوغراف طارق الربح ممتلئا وصاخبا و يمتد لساعات متأخرة من الليل.
الفنان طارق الربح وفي إجابته على سؤال: “هل لك أبناء, ما هي العادات التي تحاول أن تجعلها ضمن منهج تربيتك خصوصا في زمن الكورونا؟”
أجاب: ليس لدي أبناء حتى الآن، وأنا في حالة حجر بشكل فردي، ولكنني أعتبر أن كل أبناء هذا الوطن هم إخواننا وأبناؤنا، الذين نشتغل لصالحهم والذين نحاول أن نجعل من غدهم أفضل من حاضرهم. كلهم أبنائي, وأضاف انه حريص على التواصل عن بعد مع العائلة المتواجدة بمدينة مراكش ومع الاصدقاء بمختلف ربوع الوطن، وخارج المغرب أيضا.
لكل واحد منا متمنيات بعد انقضاء هذه الأزمة، ومن بين ما يتمناه الدكتور “طارق الربح” في الأفق هو استغلال هذا الظرف لصالح هذا البلد الكريم، كما أنه يعتبر أن العالم بعد جائحة كورونا،سيكون أفضل، وسيكون أحق بأن يعاش، وسيعيشه الانسان بحس مسؤولية أكبر، فكل هذا بالنسبة للأستاذ “طارق الربح” شيء يبعث على الأمل، ويكفي أن الطبيعة استفادت من هذه الآفة، و المدن نعمت بالهدوء. كما أنه يتمنى أن نخرج من الظرفية بأقل الخسائر.
في كلمة أخيرة للدكتور طارق الربح ضمن الحلقة الأولى من برنامج “فنانون والحجر الصحي” يقول أن البلد في حاجة لبناته وأبناءه أكثر من أي وقت مضى، وفي حاجة لفاعليك كفاءاته، وكل المسؤولين في مختلف القطاعات والتخصصات.،حتى نستطيع تحقيق التغيير للأفضل، والخروج من هذه الأزمة في أقرب وقت.