روبورطاج خاص : فيدرالية جمعيات مولاي عبد الله بإقليم الجديدة تحقق الريادة في مجال النقل المدرسي نموذج حقيقي لتوسيع دائرة العرض المدرسي بالعالم القروي
انفاس بريس 24: انجاز محمد الصفى
قد لا يختلف اثنان في كون جمعيات النقل المدرسي عبر ربوع المملكة تعتبر جسرا قويا و منيعا ضد الهدر المدرسي بالعالم القروي، و دعامة أساسية أعطت دينامية فاعلة لقطاع التربية و التكوين و للنسيج الاجتماعي، بعد سلسلة من الانقطاعات التي شهدها قطاع التربية الوطنية خاصة بالسلك الإعدادي، سيما في صفوف الإناث، بعد اجتياز المرحلة الابتدائية، إذ عمل على حل إشكالية بعد المؤسسات التعليمية عن مساكن التلميذات والتلاميذ، وتذليل الصعاب الاقتصادية والجغرافية التي تواجههم. و حتى نكون أقرب إلى هذه التجربة التي تعد رائدة في مجال النقل المدرسي ارتأينا أن يكون نموذجنا من إقليم الجديدة و بالخصوص جماعة مولاي عبد الله، من خلال فيدرالية جمعيات مولاي عبد الله.
مرحلة التأسيس و إثبات الذات:
هي من الفيدراليات النشيطة على المستوى الوطني في مجال النقل المدرسي، جاءت فكرة التأسيس من قبل بعض شباب جماعة مولاي عبد الله و على رأسهم الشاب”عبد الرحيم صبحي” بعد تسجيلهم لأكثر من سبعين في المائة من المتمدرسين بالدواوير التابعة للجماعة ينقطعون عن الدراسة، خاصة في صفوف الإناث نتيجة بعد المؤسسات الثانوية الاعدادية منها و التأهيلية، و عدم تواجد دور الطالبة، سيما أن الأوضاع الاجتماعية لآباء و أولياء هؤلاء التلاميذ لا تتماشى و تكاليف التنقل يوميا أو كراء سكنيات لأبنائهم، الأمر الذي عجل بمجموعة من الجمعيات بتأسيس فيدرالية جمعيات مولاي عبد الله سنة 2011 بغية تخفيف العبء على الآباء من أعباء تنقل أبنائهم أو إيصالهم إلى مؤسساتهم سواء إلى مركز مولاي عبد الله أو إلى الجديدة مع توفير وسيلة نقل آمنة و مريحة للتلاميذ، إضافة إلى غرس مفاهيم الانضباط والحفاظ على الوقت لديهم، مع الإسهام في الحد من الازدحام المروري خاصة أوقات الذروة، من خلال سيارتين لنقل تلاميذ بعض الدواوير كخطوة أولى بدعم من مجلس جماعة مولاي عبد الله، بادرة استحسنتها ساكنة باقي الدواوير مما جعلها تطالب بحقها في نقل أبنائهم أيضا، و بالتالي الاحتجاج أمام مقر الجماعة، الأمر الذي جعل الفيدرالية تدخل في شراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2012 هذه الأخيرة التي دعمت الفكرة و منحتها خمس سيارات ليتضاعف عدد المستفيدين و من خلالها إحداث مناصب شغل لشباب المنطقة، و محاربة الهدر المدرسي بشكل لافت، حيث تناقص بنحو 65 بالمائة، ليخرج بعدها عمل الفيدرالية خارج تراب الجماعة صوب مدينة الجديدة من خلال نقل تلامذة الثانوي التأهيلي و باقي المؤسسات التربوية و التعليمية و المهنية، و ذلك من خلال حافلتين، مهمة تطلبت تدخل الشراكة القائمة مع الجماعة الترابية لمولاي عبد الله من خلال اقتناء حافلتين و سيارة، لتتطور بعدها مسيرة الفيدرالية بعقد علاقات مع جمعيات و مؤسسات خارج أرض الوطن، و تبدأ عملية اقتناء حافلات من دول أروبية بقيمة 95000 درهم للحافلة، شاملة كل المصاريف، بمعدل خمس حافلات سنويا، لتتوسع الدائرة بشراكات مع جماعات ترابية أخرى كجماعة الحوزية واولاد حسين وسيدي عابد لينتقل عدد المستفيدين إلى نحو 5846 تلميذة و تلميذ، و أسطول من السيارات و الحافلات يصل إلى 54 حافلة تعمل وفق أوقات الدراسة ( 8,00 – 10,00 – 12,00 – 14,00 – 16,00 – 18.00 ) . إلى جانب سيارتين للإسعاف رهن إشارة الجماعة و الحالات المستعجلة بالجماعة، مما مكن الفئات المستهدفة من متابعة دراستها في أحسن الظروف، بشهادة المسؤولين الإقليميين عن الشأن التعليمي في مناسبات عديدة، كونه ساهم بشكل او آخر إضافة لما سبق في حماية التلاميذ من التقلبات الجوية (الأمطار، البرد القارس، الظلام، الحرارة…)، وقلة أو انعدام الداخليات ودور الطالب والطالبة ومحدودية الطاقة الاستيعابية للموجودة منها، إلى جانب خوف الأسر على فلذات الأكباد بسبب انعدام الأمن وأخطار الطريق واستعمال الدراجات في التنقل إلى المؤسسات التعليمية، والتحرش بالتلميذات.
مرحلة التوسع و الاشتغال في مجالات تنموية و اجتماعية:
لم تكتف فيدرالية جمعيات مولاي عبد الله بتطوير و توسيع شبكة أسطولها لتعميم الاستفادة من النقل المدرسي، بل انخرطت بشكل لافت و مباشر في عدد من المشاريع التنموية و الاجتماعية إلى جانب تنظيم مجموعة من الأنشطة الهادفة لفائدة أبناء المنطقة، وفق ما هو مسطر في قانونها الأساسي من أهداف و مرامي، حيث عملت على إصلاح مرافق عدد من المؤسسات التعليمية من خلال تزويدها بالماء الصالح للشرب والكهرباء محققة بذلك نسبة 100% و صيانة أخرى مع صباغتها و تشغيل حراس أمن بها، بعد عمليات التخريب التي طالت بعضها أو تعرضت للسرقة، والمساهمة في إحداث مؤسسات تعليمية جديدة وبناء حجرات دراسية بالفرعيات النائية التي تشهد خصاصا، و بفضل الشراكات التي عقدتها مع بعض الجهات من قبيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بالجديدة ووزارة الشباب و الرياضة و مندوبية التعاون الوطني بالجديدة و المكتب الشريف للفوسفاط، تمكنت الفيدرالية في مجال التربية الوطنية من إحداث إعدادية بدوار الغضبان ” إعدادية الفرح ” بعد توفير جماعة مولاي عبد الله للوعاء العقاري وتكلف المديرية الإقليمية للتعليم بعملية البناء والتجهيز، ونفس الشيء تم بدوار المنادلة حيث اقترحت الفيدرالية بناء مدرسة ابتدائية تحت اسم ” المحيط ” بشراكة كذلك بين جماعة مولاي عبد الله والمديرية الإقليمية، و أيضا بدوار البحارة اقترحت تم بناء مؤسسة ابتدائية تحمل اسم ” مدرسة ابن زيدون ” ، و أخرى تحت اسم ” ابن طفيل ” بمركز مولاي عبد الله، و مدرستين ابتدائيتين بكل من دوار تكني و دوار أولاد ساعد، إلى جانب إعدادية بنفس الدوار. و سعيا من فيدرالية جمعيات مولاي عبد الله إلى تخفيف عمليات التنقل على بعض الفتيات فقد كان لها الفضل في إحداث دار الطالبة بمركز مولاي عبد الله في إطار الشراكات المذكورة و حديقة لألعاب الأطفال التي كانت المنطقة في أمس الحاجة لها، مع إعادة تأهيل دار الشباب و النادي النسوي ليعود نبض الحياة إليهما مجددا من خلال استفادة روادهم من خدماتهم.
تسيير و تدبير كخلية نحل و بعقلية متطورة:
إن المتأمل للسير العادي لفيدرالية جمعيات مولاي عبد الله و تدبير شؤونها في ظل كل هذه الانجازات، لم يجعلنا إلا إصرارا على الاطلاع على مجموعة من الوثائق سواء التي تتعلق بالكتابة و التوثيق أو على المستوى المالي من خلال تقارير محاسب الفيدرالية، و التي أبانت عن أن العمل هو عمل تشاركي، تتوزع فيه المهام بشكل شركاتي، فمصادر المداخيل تتكون من دعم جماعة مولاي عبد الله تليها جماعة الحوزية فجماعة أولاد حسين و جماعة سيدي عابد هاتين الأخيرتين لا يتعديان معا 150 ألف درهم، فيما تبين لنا انعدام الدعم المادي المباشر من قبل المكتب الشريف للفوسفاط و المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أما جانب الاشتراك الشهري للتلاميذ فيتوزع بين 50 و 100 درهم للتلميذ باعتبار حالته الاجتماعية و 150 درهم للأخوين و 200 درهم للإخوة الثلاث، فيما يتم إعفاء نحو 1846 من أصل 5846 تلميذة و تلميذ من هذا الاشتراك بناء على تقارير موقعة من لجنة يترأسها ممثل من الدوار المعني بالأمر، فيما باب المصاريف يتوزع بين تأمين الحافلات و السيارات التابعة للفيدرالية ” انظر الوثيقة المرفقة” و المحروقات و الصيانة الميكانيكية و أجور العمال و السائقين و حراس الأمن بالمؤسسات التعليمية و الذين يستفيدون من جميع حقوقهم الاجتماعية من تأمين و ضمان اجتماعي.
وشهد شاهد من أهلها :
و لتقريب الصورة أكثر حول موضوع تعامل عمال الفيدرالية و علاقتهم بآباء و أولياء التلاميذ المستفيدين من وسيلة النقل هذه، كان لميكرو الجريدة اتصال ببعض التلميذات و التلاميذ الذين جاءت شهاداتهم على النحو التالي: ( ربيعة.أ ) ” لقد مكننا النقل المدرسي من ربح الوقت و الحماية من مخاطر الطريق و التحرش و أحوال الطقس، إلى جانب أننا نذهب لمنازلنا وقت الغذاء، صراحة مهما قلنا عن المسؤولين على هذه الفيدرالية قليل في حقهم ” ( نوال ) ” نعتبر السائقين إخوة لنا يتعاملون معنا في احترام و يخافون علينا كثيرا و كل تلميذ لا يحضر يسألون عنه ” ( مريم ) ” لولا النقل المدرسي لكان والدي أجلسني في المنزل بحكم ضعف الحالة الاجتماعية و خوفهم علي ” أما بخصوص حالة الطفلة التي نشرت بعض المواقع و الجهات على أنه تم حرمانها من التنقل عبر الحافلة بعد أن كانت تستفيد من المجانية، فالأمر يختلف تماما وفق ما أدلى به أحد أعضاء مكتب الفيدرالية السيد هني عبد الله مفندا لكل هذه المغالطات، موضحا أن ” الأمر مجرد حسابات ضيقة من قبل أشخاص لأغراض في نفس يعقوب كون الفيدرالية منذ تأسيسها لم يسبق لها أن عنفت أي تلميذة أو تلميذ و لم يسجل في حقها أية شكاية من قبل آباء و أولياء هؤلاء التلاميذ، مجرد حملة مغرضة ضد الرئيس و باقي مكونات الفيدرالية مستغلين فيها الطفلة سارة الحيرش لأغراض سياسية و انتخابية لا علاقة لها بالعمل الجمعوي أو الفيدرالية، فسارة تتمتع بكل حقوقها في النقل كباقي أقرانها، كل ما في الأمر أن الفيدرالية استدعت أباها لتسديد واجبات ثلاثة أشهر متأخرة، و هو ما استجاب له بتسديد واجب شهر فبراير لينطلق بعدها رفقة آخرين لا علاقة لهم بالفيدرالية في تنظيم وقفة أمام مقر الجماعة و التنديد بتعنيف الطفلة و منعها بعد أن كانت تستفيد بالمجان، هذا رغم أنه كان بإمكان والدها تسجيلها بإحدى الوحدات المدرسية الحديثة التأسيس بشراكة بين الفيدرالية وباقي شركائها و التي لا تبعد عن مقر سكناه إ بنحو ماتي متر تقريبا، للتخفيف من عبء التنقل، و هو ما لم يفعله أبوها، مضيفا أن النقل المدرسي ليس وسيلة لحل إشكالية الهر المدرسي و تشجيع التمدرس خصوصا عندما تتواجد المؤسسات بالقرب من السكن، و هو العمل الذي تسير وفقه الفيدرالية من خلال شراكاتها في هذا الباب، كما أن الطفلة ليست مسجلة بقائمة المستفيدات من النقل المجاني لأن أباها لم يسبق له التقدم بطلب لأجل هذا الغرض أو الاتصال بأحد أعضاء الفيدرالية ”
شبه خلاصة :
و اعتبارا لكل هذه المشاريع سواء المنجزة منها أو التي لازالت في طور الإنجاز و التي تعتبر نقطة إيجابية في مسيرة تسع سنوات لفيدرالية جمعيات مولاي عبد الله التي ينضوي تحت لوائها ما يفوق الثلاثين جمعية، نأمل أن تحدو عدد من الجمعيات التي تعمل في مجالات مختلفة عبر ربوع المملكة حدوها بالتكتل و توحيد البرامج من خلال فيدراليات من شأنها أن تحقق ما قد تعجز عنه الجمعية الواحدة، سيما في العالم القروي كما هو الشأن من خلال فيدرالية جمعيات مولاي عبد الله التي ساهمت في توسيع العرض المدرسي بجماعة مولاي عبد الله وتقريب المؤسسات التعليمية من مقر سكنى التلاميذ مع الحد من الضغط والاكتظاظ الذي تشهده المؤسسات، مما ساهم في القضاء نسبيا على ظاهرة الهدر المدرسي، و المساهمة إلى جانب شركائها في عدد من المشاريع التي عادت و تعود على الساكنة بالنفع، و رغم كل هذه الخدمات ذات الأبعاد الاجتماعية فما زالت مثل هذه المبادرات في حاجة لدعم خاص مع ضرورة حمل و إشراك الخواص و المستثمرين بالإقليم على المساهمة في هذا القطاع مع تبسيط المساطر الإدارية بخصوص استيراد الحافلات و السيارات و الإعفاء من الضريبة و تنظيم دورات تكوينية للسائقين و تمكينهم من البطاقة المهنية بالمجان.