رسالة مؤثرة من طفل سوري إلى أمه
انفاس بريس 24:بقلم : منصف الإدريسي الخمليشي
أمي الغالية التي رحلت عني, شهيدة الحروب, اشتقت لك و لحضنك إني هنا وحيد أشم روائح الأسلحة الفتاكة, الغازات أعمت بصري و بصيرتي, إني هنا في هذه البلدة أعاني من الويل الدنيوي, أنت في الجنة و أنا هنا أنتظر اللحاق بك, يا أمي اشتقت لصدرك الناعم الذي لم أتذوق منه قط نقطة واحدة من الحليب, اشتقت لكتفيك لعناقهما, اشتقت ليديك, لا زالت ذكراك عالقة في ذهني لما ذبحك نصير من أنصار الأسد, أخبرك بأنه لا زال يغتصب النساء كالجواري, أمي هذه الرسالة أكتبها لك و أنا بين القنابل, شلت طاقتي, إنني في أزمة نفسية لا مثيل لها, أنا و كل الأطفال فالعرب يشاهدوننا نذبح و نقتل و يأكلوننا و لا يجرؤون على التدخل, فقد تحالفوا معهم ضدنا .
حبيبتي يا أمي, أحدث روحك الطاهرة, أخبريني كيف هي الجنة و كيف كانت خاتمتك البئيسة وسط الصخور و التعذيب الجسدي و الجسمي النفسي الذي صعقت به, أمي أنا لا زال عندي أمل لعودتك في يوم من الأيام و لو كان يوم البعث فأنا مشتاق لرؤيتك, لأنك على الأقل ستكونين شاهدة معي ضد خونة الوطن, لأن العرب أصبحوا يشهدون زورا, فالعراق قتلت, سوريا ماتت, فلسطين رحلت, فأنا يتيم, أبي رحل عني و تركني وسط الأحجار و الأسلحة, فلولا إيماني الراسخ و حديثي الذي لا يخلوا من الإيمان, و دعائي لهم لكنت قربك, أمي أريد أن أخبرك بأنني سأكبر و سأهاجمهم بالقرآن, هنا لقد نسوا القرآن و نسوا الإسلام, إنهم يعانون من الإسلاموفوبي .
أمي السوريين يساعدهم جرو إسمه أمريكا, فهو يمدهم بكل ما يحتاجون, و الأسد هارب و لا يريد أن يتنحى و إن فعل فستقتله أمريكا .
أمي مدارسنا أحرقت يريدون منا أن نكون جهلة ليصنعوا بنا ما أرادوا, لقد اقتحم التنظيم الإسلامي الغربي الذي يزعم أنه عربي لسوريا و العراق و جل الوطن العربي, ففجر كافة القرى و المدن و الحواضر بل و حتى المتاحف ما بقي إلا أشلاء من معالمنا الاسلامية .
أمي لقد نحوا هويتنا فلم تعد لنا هوية, استوردوا لنا أخلاق مشبوهة من الغرب, هناك سراويل متقطعة باسم الستايل, فالفتيات هجروا من أوطانهم و العرب لم يظلوا كما كانوا, فعربيتنا التي كنا نتظاهر بها عند الأمم لم تعد كذلك لأنهم استوطنوا عقولنا بالهواتف الخليعة التي قربت لنا كل شيء و أبعدتنا نحن عنا, نسينا أنفسنا, نسينا ذواتنا لم نعد نحن نحن, فنحن أصبحنا هم, نسينا الكتاب, و هملناه و جعلناه مجرد أوراق مبثوثة, أنا أبكي و أتألم حتى الأسلحة التي يهاجموننا بها لم تعد عربية قحة كما كان جدنا المصطفى عليه أفضل الصلوات و السلام قديما كانت الخناجر و السهام و السيوف, أما الآن فهي أسلحة من الإبر و أقوى سلاح كما قلت هو المعلومات التي تكتب على شبكات التواصل الاجتماعي الكاذبة التي توهمنا بأن بشار الأسد هو رجل مسكين, أمريكا استعملت كل شيء لتدميرنا إلا أنها نست أننا نحن العرب الأوفياء لازلنا متمسكين و لحمة واحدة مع بعضنا, ناهيك عن الذين باعوا الشرف و الهوية و باعوا ذاتهم مقابل بضع دريهمات .
أمي, تذكرت لما كنا نصلي أنا و أنت و أبي و إخوتي و الجيران, أمي فعلاقة المجاورة لم تعد كما كانت فالجيران أصبحوا أنانيين و قلت حشمتهم و لم يستوعبوا أن عمود الإسلام هو الحشمة و الخجل و القيم, كلها بعثرت .
أمي فالفتيات نسوا أنفسهم فتيات فأصبحوا يقومون بما تفعل المرأة مع الرجل و هي فتاة حتى تتحول إلى امرأة و هي فتاة بدون علم أبويها, فالأفلام أفسدت عقيدتنا يا أمي, أمي نحن في مجزرة الكيان الوجود, لا نعرف من نحن و من هم, فقد تأخرنا بعدما كنا نحن في الريادة, الريادة التي كانت و ما ولت, الريادة التي كانت و ما ولت.
حبيبتي و يا أمي ما عساي أن أفعل فقد خانوا العهد إلا أنا ظللت أنتظر عودتك يا أمي لأنك أنت من كنت تنهين عن الفحشاء و المنكر .
نسيت أن أخبرك يا أمي أن العرب أصبحوا دول و لم يعد وطن واحد يجمعهم.
أمي مازالت القصص كثيرة و هناك المزيد لأقوله لكن إذا حاولت زيادة أكثر من ذلك سأصبح من المغضوب عنهم و سيعتقلونني بمسمى تجاوز الخطوط الحمراء و المس بالمقدسات الوطنية لأننا كما أخبرتك بأننا أوطان, و لنا ملوك و حكام و رؤساء و وزراء إذا ما حاولت وصفهم سأجد نفسي قربك مقطع إربا إربا اللهم الصمود حتى نعود لأن العرب تشبعوا بخصل اليهود و أصبح للحرية قيود بالرغم من الجنود في الحدود هناك قيود .