الحمار ما حاشاكش
انفاس بريس 24: :بقلم : منصف الإدريسي الخمليشي
كان الحمار و لا زال من أعرق و أقدس الحيوانات على الإطلاق, منذ أن وجد الإنسان على الأرض, فالأنبياء و الرسل و الصحابة و أمهات المؤمنين اتخذوا منه وسيلة نقل, يعبرون آلاف الأميال, عبر الحمار و أمثاله.
إلا أن بني البشر, و في زمن الخذلان أصبحوا يحقرون و يحتقرون ذاك الحيوان اللطيف, الذي لم يتجرأ قط على سلب ثروة و لا أن يدوس على شرف أنثى, و لا أن يخون عهدا قطعه مع رفاقه, فهو أشرف الحيوانات, يمكننا أن نعتبر الحمار هو سيد الحيوانات بلطفه و ابتسامته العريضة و حبه, و وفائه, حتى أنثاه فهي وفية .
الحيوان هو الحمار, خلق للنقل و التنقل, اسمه الحمار و ليس “الحمار حاشاك” حيث أننا لاحظنا كل من ينطق بكلمة الحمار يليها بعبارة “حاشاك” لدرجة أصبحنا نظن أن اسمه حمار و كنيته حاشاك, لماذا هذا الاحتقار لحيوان ما فعل شرا يوما؟ لما تحتقرونه و تذلونه و هو أكرم الحيوانات, فالجميل في الأمر أنه يلبي حاجياتكم, و طلباتكم مهما كانت, فهو يضرب, لكنه يكتفي بالنهيق, و لا يتجرأ يوما أن يضع شروطا و قوانين زجرية على كيفية معاملته, لكن نحن بني البشر يجب علينا أن نعي دوره و نحدد خرائط و معالم و توجيهات جهلها هو مع كل احتراماتي له فهو جاهل بحكم صفته الخلقية و لكن هناك من هم أجهل منه بالرغم من أنهم كرموا, حديثي على الخاصة من العباد .
سمو الحمار ينجلي في فهمه لثقافة الحوار اللائقة التي اكتسبها بالتكرار, علو كعبه و مروءته تطبعه الألفة التي يمارسها رفقة صديقه البشر.
ما حاشاكش من اليوم و على صعيد طيب نحن نكتب لنحسن و الإحسان هو قرب رؤية الله ” الإحسان هو أن تعبد الله و كأنك تراه , فإن لم تكن تراه فهو يراك” و لنرحمه لأنه قال سيد الشافعين و المرسلين “ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء” و يظهر لي أن بعض من بني البشر يرفعون صوتهم رغم إدراكهم الكامل على وجود آية الله “إن أنكر الأصوات لصوت الحمير” فخالق الخلق لم يقدر كلامه عساك خلق من خلقه يدعى بالحمار .
رفعت جلسة الدفاع عن حقوق المرأة لتفتح الجلسة بالدفاع عن تشريف الحيوان الذي حمل المرأة في سفرياتها , فالمرأة تستحق أكثر من دفاع و أكثر من جلسة, و لكن لنصل لدرجة أن الحمار يتحول من حيوان إلى عبارة سب و شتم فهذا لا يتقبله لا المنطق و لا الفلسفة و الآداب, توفيق الحكيم كتب مسرحية “الحمير” فجعل منه مادة دسمة ليتحول توفيق الحكيم رجل التأليف العربي.
فيا بني آدم , فلنتضامن و تتآلف قلوبنا لحماية الحمار من شر الخلق لنقرأ “قل اعوذ برب الفلق” الحمار ما حاشاكش يا عربي و لا تجعل يا أيها الغربي الناضج نموك و جبروتك على أسدية العرب الذين أصبحوا يرفعون الأصوات و يطالبون بالحقوق ليتجردوا من إنسانيتهم و يتشرفون و يتحولون إلى صفة من صفات حيوان لطيف , قدر الله سعيكم, متى سيتوقف الضرب, يا غرب, لنستولي و نستعيد الشهامة و النضال و الزعامة و ندخل في فترة نقاهة, و يستريح الحمار و نركب حينها الأسد الظالم, و نطالبه بكل مكنون يخالج شعورنا, أ بلغنا مرحلة الأسد يقول ” الإنسان حاشاك ” عفوا “المغربي حاشاك” عفوا ” العربي حاشاك” أ هكذا هي العروبة التي كان عليها جدنا المصطفى عليه أزكى الصلوات و السلام ؟ أ هكذا كان الصديق يوسف .
حتى الأنثى العربية التي هاجرت عند المشارقة سميت بالحمار و ما الحمار بسب و ما الأنثى العربية بحمار, فالأنثى العربية رمز من رموز العفة و الحشمة التي طالما افتقدناها , كما قال الدكتور محمد الوادي, على لسان شخصيته ليلى العامرية ” بعت جسدي رخيصا” لما البيع و الشراء و الرهن و المساومة ,كما قال المؤلف العربي محمد الوادي “أنت اسمك عربي من اليوم فأنت عربي, فهذه أرضك يا عربي فهي غير قابلة للمساومة و لا البيع و الشراء فهي اليوم لك و غدا لأبنائك و بعد غد لأحفادك” لما الإفراط و التفريط يا أيها العربي كن ثائرا على القوانين التي تعدت السيميولوجيا و الميتافيزيقا ليخترع علم أساسه حضارة و انفتاح و تفتح .
الحمار ما حاشاكش ما هو إلا رمز من رموز النضال الفكري المرموز و مع ذلك فنحن سنظل ندافع عن الحمار الذي انتهكت حرمته, و لم يعد يستوعب هويته المبتورة المغتصبة, الإنسان استحمر و الحمار أصبح من حفدة و أبناء آدم, “الحمار ما حاشاكش”
24 اكتوبر 2019