قراءة تحليلية ونقدية في مؤلف” المقاربة المجزوءاتية في التدريس” للباحث التربوي عبدالرحيم الضاقية
بقلم الاستاذ و الباحث عبد الغني لزرك
واضح أن الباحث والمفتش التربوي عبدالرحيم الضاقية، فهو غني عن التعريف وإنتاجاته وخرجاته الإعلامية ولقاءاته التلفزيونية والإذاعية شاهدة عن ذلك، منذ سنوات إلى يومنا هذا، أما تأليفاته فهي متواصلة من سنة إلى أخرى،ولعل خير دليل هذه الدراسة الجديدة التي أصدرها في سنة 2018، والتي عنونها ب ” المقاربة المجزوءاتية في التدريس” باعتبار أن هذه المقاربة تم التنصيص عليها في الميثاق الوطني للتربية والتكوين وفي الكتاب الأبيض وفي جل وثائق الأجرأة، كما أشار لذلك المؤلف في ص 12 من هذه الدراسة،وقد اعتبر الباحث أن هذه المحاولة جاءت بعد الإجهاض على هذه المقاربة بشكل واضح ولم تخرج لحيز الوجود بالشكل الصريح الذي كان مخطط له في البداية، وقد تم التناول في هذه الدراسة ستة فصول، حيث تم تخصيص الفصل الأول للمجزوءة باعتبارها وحدة ( موديل) في إطار المثلث الديداكتيكي ( المدرس، المتعلم، المادة المدرسة)، وفي الفصل الثاني لهندسة الفعل التربوي ضمن المقاربة المجزوءاتية من خلال شروط البناء والمعالجة الديداكتيكية للتدريس بالمجزوءات، ثم الفصل الثالث تم التطرق فيه للمقاربة المجزوءاتية من الإشراك إلى التشارك باعتبار المجزوءة تصور جماعي لفكر جماعي، وفي الفصل الرابع عنونه بالنموذج البيداغوجي ضمن المقاربة المجزوءاتية أي أن المجزوءة مدخل للكفايات واختيار هذه الأخيرة كنموذج بيداغوجي، وفي الفصل الخامس تم الوقوف على تقويم الكفايات ضمن المجزوءة، أما في الفصل السادس فقد عنونه المؤلف بالمجزوءة ورشة عملية تطبيقية، وخلص في الفصل السابع والأخير من الدراسة إلى المشروع الشخصي للتلميذ/ة: سؤال الذات والاختيار.
ومن خلال رصدنا لهذه الفصول وقراءتنا لهذه الدراسة الشيقة، لاحظنا أنها جاءت بعد قرب انتهاء العشرية الثانية من الإصلاح التربوي كما أشار لذلك الباحث في بداية تقديمه ومدخله العام لهذه الدراسة،
كما يمكن اعتبار هذه المشاريع الاصلاحية أنها بقيت حبيسة الأوراق و تم التنفيذ منها فقط النزر القليل، في ظل غياب الشروط الضرورية لنجاحها وبلورتها في الميدان، اللهم كما أشار المؤلف في الجامعات والمعاهد العليا، فقد أعطت نجاعتها رغم وجود بعض المعيقات، واعتبر المؤلف أن هذا النوع من الإصلاح التربوي يتماشى مع الخطة والرؤية الاستراتيجية للمنظومة التعليمية 2015 ـ 2030، باعتباره نقلة نوعية سواء في بناء المعرفة أو في استثمارها واستحضار الواقع المعاش، وتجاوز قضية فقط تحيين المعارف والمهارات والتقنيات، حتى تكون هناك حرية فردية وجماعية في التعلم وفي جودته ونتائجه الآنية والمستقبلية.
وما يستنتج من خلال قراءتنا وتحليلينا لهذه الدراسة أن الباحث منزعج كل الانزعاج في تحليلاته ونداءاته المتكررة للجهات المسؤولة والساهرة على الشأن التربوي والتعليمي في البلاد، من أجل إعادة النظر في هذه المقاربة الاصلاحية وتفعيلها بشكل صريح،وألا تبقى فقط مجرد إصلاح بعد إصلاح بعد إصلاح خارج الفصل ولا تلامس المدرس/ة والمتعلم/ة والمادة المدرسة، ومنظور التدريس بالمجزوءات والكفايات فعلان متلازمان للعملية التعليمية التعلمية في تصورها الجديد، وضرورة توفير الشروط اللازمة لإنجاح هذا النوع من الإصلاح حتى لايبقى مجرد عينة للتجريب وليس بديل إصلاحي تربوي صرف.
وأنهى الباحث التربوي دراسته بإعادة فتح نقاش واسع واستحضار العزيمة والإرادة وكذلك التشارك والتخطيط والتعاقد المحكم، ووضع السيناريوهات الممكنة والمستحيلة، لتنزيل هذه المقاربة بشكل عقلاني وميداني محكم، يعطي المسؤولية والسلطة للجميع.
وماهذه النظرة التحليلية والنقدية المبسطة إلا محاولة لتنوير الرأي العام بالعودة إلى هذه المقاربات وفتح النقاش مجددا على نطاق واسع، وأجرأتها وووضع خطة واضحة لتنفيذها على أرض الواقع.