الأحزاب المغربية تقفل الأبواب في وجه الشباب !!!
بقلم : يوسف بن عبو طالب بالمعهد الملكي لتكوين الاطر
• أليس الجدير بنا الإهتمام بالشباب الذي سنخلفه للمغرب ،بدل الإهتمام بالمغرب الذي سنخلفه لشبابه ، إن أي دولة لم تولد ديموقراطية، ولا أي فرد يولد مواطنا صالحا ، و إن هذا يأتي عبر مجموعة من الجهود ،تقوم بها مؤسسات المجتمع المختلفة ،و ذلك لغاية إنتاج أفراد صالحين للوطن. و يستحيل ذلك إذا كانت هذه المؤسسات مصابة بإختلالات معينة، تؤثر على وظيفتها ،و من بين ما يدخل في خانة هذه التربية غير السوية، و الغير الملائمة، التكوين السياسي و التأطير للأفراد، و الذي تقع مسؤوليته على الأحزاب السياسية ،بمختلف أيديولوجيتها و توجهاتها السياسية و برامجها .فالشباب اليوم علاقته مع الأحزاب السياسية، تشوبها نوع من القطيعة ،و نظرتهم إليها تتميز بنوع التبعاد الكبير، وعدم الفهم لدورها ، واليوم لم يعد الحديث عن سحب الثقة في بعض الأحزاب عن علم و دراية بعملها ،بل أن التعريف المتداول عند سؤال الشباب المغربي عن هذه الأمور سواء المتعلقة بالممارسة السياسة ،أو بالأحزاب، أو حتى بالبرامج هو “لا علاقة لي بهذا ،و لا أحب الخوض في مثل هذه الأمور لأنها ليس من اهتماماتي، و أصلا كل الأحزاب هي رمز للخيانة و السياسي ليس أهلا للثقة “. إن هذا التباعد الكبير و غموض العلاقة، و الرفض المسبق ،ناتج عن الإقصاء الذي تمارسه الأحزاب في حق الشباب، أولا لأنها لا تضع نفسها في متناول الفهم ،و لا تقوم بأي مجهود في ذلك .ثانيا لأنها لا ترى في الشباب غير ورقة لصالحها ،تظهر في الحملات الانتخابية و تختفي ، و قنطرة عبور نحو السلطة ،مما يجعل العلاقة تتميز بنوع من المصلحة و الخداع. فالسياسي يبقى بعيدا عن ما يؤرق المجتمع ،و لا يتدخل للخوض في أموره و هذا البعد أنتج نية و سوء نية مقابلة .لأن التواصل غائب بين الإثنين أو أحيانا منعدم .أم السبب الثاني ،و الذي يجعل الشباب بعيدا عن الانخراط في الأحزاب السياسية أو التقرب إليها، هو سيادة الأفكار السويدية ،و الانطباع الذي خلفته سنوات تاريخية ماضية في ذاكرة الأباء. حين كان العمل السياسي ،أو حتى الخوض في نقاشاته أمرا يعاقب بشأنه من يتجرأ على ذلك، مما جعل الأباء يمنعون أبنائهم من الإقتراب منها خوفا من تبعيات ذلك أو على مصير أبنائهم و بعض الأسرة ماتزال ترى الحديث عن مسائل سياسة أمرا محرما و محضورا ، و اليوم نرى الشباب يعبر بشكل و أخر عن رفضه و تضرره من سياسات معينة أو قرارات أو قوانين ،في صفحات التواصل الإجتماعي، أو بتحويل التعبير عن الاحتجاج و التنذيذ إلى موسيقى و أناشيد تظهر من حين لحين في تظاهرات رياضية، أو فنية ،كما هو الأمر لدى مشجعي بعض الفرق الرياضية المغربية، أو كما هو الأمر بالنسبة لفن الشارع، الذي يتخذ شبابه في بعض المدن المغربية فرصة للتعبير عن الرفض .
و في رأي أخر لا يمكن للشاب المغربي أن يتصور نفسه شريكا في الإقتراح ،لأن المقاربة دائما ما تكون عمودية، و تغييب في أذهان القادة السياسيين و الأحزاب السياسية المقاربة التشاركية، رغم أن الغالبية تظن و تصرح بأنه تتبنى هذه الأخيرة ،و الشاب المغربي لا يمكن له ولو بالحلم أن يتصور نفسه نائبا برلمانيا ،يدافع عن قضايا الشباب، أو عضوا مسموع صوته، لأنه في ظنه المال أو الجاه هو من قد يمكنه من ذلك بل .و هذه الأماكن هي محتكرة لشباب النخبة المالكة لرؤوس الأموال أو ذات القوة و النفوذ، أو الشخصيات السياسية البارزة تاريخيا في العمل السياسي التي تعمل على توريث أبنائها .
هي آراء متعددة لدى الأغلبية من الشباب المغربي ،ترصد بجلاء واضح القطيعة بينه و بين الجهات المسؤولة عن أوضاعه ،لا الحالية و لا حتى المستقبلية منه، و في ظل هذه الوضعية الراهنة يجب أن يكون الوعي حاضرا و قويا بتبعيات هذا الأمر ،و أن أي مشروع كيف ما كان نوعه و جودته سيبقى معرضا للفشل، في ظل تغييب الشباب أثناء رسمه ،بل أيضا في إستهدافه لهم، لأنه قد لا لن يرقى لمستوى تطلعاتهم أحيانا، أو يغيبهم بشكل من الأشكال، و حتى ولو أردنا إلقاء اللوم على الشباب ،و جعله سببا في هذه القطيعة فالسؤال الذي يطرح نفسه لماذا يقبل الشباب على العمل الجمعوي ولا يقبل على العمل السياسي؟ .
فالبرغم من أن الفاعل السياسي المغربي يحاول إنتزاع الأضواء من الفاعل الإجتماعي ،مخافة المنافسة و بالرغم من أن الفعل الجمعوي عمل تطوعي و يبقى دوره مهما في تقدم المجتمع، إلا أن تأثير الأحزاب السياسية لا يمكن مقارنته بتأثير الجمعيات ولاسيما في المغرب ،و الشباب المغربي ينشط مع جمعيات و منظمات المجتمع المدني ،عوض عن الأحزاب ،لأنه يرى أن تصوراته و أفكاره يكون لها وجود داخل الجمعية و في نشاطاتها و يستطيع إخراجها للواقع، و هناك أمثلة عديدة من جمعيات شبابية ناجحة في ميادين مختلفة ،أما بالنسبة للأحزاب فالأمر يختلف لأن مقترحاتهم ولا تلقى أي اعتبار و تقابل بالتجاهل نظرا لغلبة الرأي الواحد و جعل الهم الأكبر للحزب هو الوصول للسلطة أما مسألة الشباب فهي مسألة ثانوية و نقاشاتهم تبقى مسألة مناسباتية و أرائهم غير معمول بها .